الرئيسية
أحدث الصور
رد على حلقة "تاريخ في رجل" على شاشة OTV من قبل الامين كمال نادر.
من الحزب السوري القومي الاجتماعي في 15 أكتوبر، 2011، الساعة 01:28 مساءً
أنطون سعاده صاحب نظرة واقعية وعلمية الى الكيان اللبناني والعروبة
ما هي ملابسات واسباب اغتياله سنة 1949؟
بقلم الامين كمال نادر
تظهر في وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية مقالات ومقابلات تعالج نواحي عقائدية عند الحزب القومي ومؤسسه انطون سعاده، وفي غالب الاحيان يكون المتكلمون من خارج الحزب ولا يملكون اطلاعاً كافياً على نظرة الحزب ومؤسسه الى مسألة الكيان اللبناني والعروبة وبعض الاحداث التي حصلت بين الحزب والحكومة اللبنانية وغير ذلك. وقد شاهدنا يوم الثلاثاء الواقع فيه 4/10/2011 حلقة على شاشة OTV من برنامج "تاريخ في رجل" تطرق فيها معد البرنامج الدكتور زياد نجيم وضيفه الأستاذ عادل مالك الى هذه المواضيع وملبسات المؤامرة التي أدت الى اغتيال زعيم الحزب سنة 1949، كما تضمنت الحلقة مقابلة مسجلة مع الامين محمد البعلبكي نقيب الصحافة اللبنانية بصفته عضواً في الحزب كان مقرباً من الزعيم في عام 1949.
يهمنا ان نوضح نظرة الحزب الى الكيان اللبناني والى العروبة والاسباب التي ادت الى اقدام الحكومة اللبنانية على اغتيال زعيم الحزب سنة 1949.
اولاً: المسألة اللبنانية والكيان اللبناني والعروبة:
- لم يرفض انطون سعاده الكيان اللبناني ويعمل لالغائه بل اعتبر ان المسألة اللبنانية نشأت في ظروف الدولة الدينية في الشرق ونزوع المسيحيين الى ان تكون لهم دولة يتمتعون فيها بالحقوق السياسية والمواطنية الكاملة والا يكونوا من اهل الذمة وتحت حماية الدولة الدينية ايا تكن.
- رأى سعاده ان الكيان اللبناني يجب ان يكون نطاق ضمان (للفكر الحرّ) ومصدراً للاشعاع في الشرق وفي سورية الطبيعية وان هذا الكيان هو وقف على ارادة (الشعب اللبناني) الحرة الواعية.
- أن تحقيق مبادئ الحزب القومي الاجتماعي وقيام النظام الجديد الذي لا يحمل تمييزاً طائفياً او مذهبيا او عرقيا ويفصل الدين عن الدولة ويلغي الحواجز بين الطوائف والمذاهب ويكفل العدالة الاقتصادية الاجتماعية والحقوقية مع احترام حرية المعتقد وديمقراطية التعبير، ان مثل هذا النظام يسقط المخاوف والهواجس عند الطوائف التي صنفت اقليات في الشرق وبالاخص المسيحيين.
- ان سعاده والحزب يميزان بين المسألة اللبنانية كحالة سياسية اوجبتها ظروف تاريخية معروفة والنهضة القومية الاجتماعية في سورية الطبيعية المستندة الى اساس جغرافي وشعبي وتاريخي وحضاري واقتصادي.
- ان الكيان اللبناني الذي تطور من المتصرفية الى لبنان الكبير سنة 1920 كان موضوع اعتراض ورفض من غالبية سكان الاقضية التي فصلت عن سورية والحقت بمتصرفية جبل لبنان بموجب قرار الجنرال غورو، وقد عبروا عن اعتراضهم ورفضهم هذا بتحركات وعرائض ومؤتمرات منها مؤتمر الوحدة السورية برئاسة عبدالحميد كرامة سنة 1928 وبحضور رياض الصلح وعبدالله اليافي ووفود من مسيحيي ومسلمي عكار وطرابلس وبيروت وصيدا وصور وجبل عامل ووادي التيم والبقاع بكامله وطالب هؤلاء بالبقاء ضمن الوحدة السورية.
- انه في سنة 1936 عقد ايضا مؤتمر الساحل في دار ابو علي سلام في المصيطبة في بيروت للمطالبة بالوحدة السورية.
- ان تطورات الحرب العالمية الثانية والصراع البريطاني الفرنسي انشأ ظروفاً جعلت رياض الصلح وبشارة الخوري وكميل شمعون ومعهم سياسيون آخرون يتفاهمون على قبول الكيان اللبناني مقابل شراكة سياسية واقتصادية وان يتخلى المعترضون عن المطالبة بالوحدة السورية او العربية. وهذا ما عبروا عنه بالميثاق الوطني في سنة 1943.
- انه في معركة استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي لعب القوميون الاجتماعيون دوراً اساسياً فعندما اعتقل رئيس الجمهورية والحكومة في قلعة راشيا امن القوميون المسجونون هناك التواصل الضروري بين المعتقلين والحكومة الموقتة التي نشأت في الخارج (خارج السجن).
- عندما تشكلت حكومة برئاسة حبيب ابو شهلا لجأت الى بشامون فأقامت في بيت انيس الحلبي السوري القومي ولا زال هذا البيت يعرف باسم بيت الاستقلال الى اليوم وتزوره وفود الطلبة والكشافة والسياسيين في ذكرى الاستقلال.
- ان القوميين الاجتماعيين قاموا بحماية هذه الحكومة في بشامون وجوارها لان قوى الجيش والدرك آن ذاك كانت بإمرة الفرنسيين. وهذا ما يفسر لماذا استشهد البطل القومي سعيد فخرالدين عندما كان مع رفاقه القوميين يحرس حكومة الاستقلال في محيط بشامون، ولم يستشهد غيره في معركة الاستقلال.
- ان الرفيق القومي الاجتماعي حسن موسى عبدالساتر من بلدة ايعات- بعلبك، هو شهيد العلم اللبناني الوحيد في معركة رفع العلم وانزال العلم الفرنسي عن قبة البرلمان في ساحة النجمة، وهو كان دركياً في سلك الدولة.
- عند عودة الزعيم من المغترب القسري في 2 آذار 1947 لم يضمن خطابه رفضاً للكيان اللبناني او للعروبة ونسفاً لهما بل دعا الى جعل الكيان اللبناني مركز اشعاع ونور وان يكون تعبيراً صادقاً عما في النفس اللبنانية من سمو ومن مرام كبيرة وجبارة، وأكد انه يحترم ارادة الشعب اللبناني وأشار الى تعاون الحزب مع الحكومات اللبنانية فيما يتعلق بمسائل السيادة والاستقلال مؤكداً انه لا يريد ان يفرض على الشعب اللبناني شيئاً.
- وعن العروبة قال في هذا الخطاب "اذا كان في العالم عروبة حقيقية صميمة فهي عروبة الحزب القومي الاجتماعي". وانتقد العروبة الخيالية الوهمية. وها نحن اليوم نرى الى اين اوصلتنا العروبة الرومانسية الخيالية من كوارث في فلسطين والعراق وغيرها ولذلك فسعاده ببعد نظره كتب سنة 1949 في جريدة الامين محمد البعلبكي مقالاً بعنوان "العروبة افلست"، كان يستشرف ذلك. وظل يصر على ضرورة قيام جبهة عربية موحدة تقف سداً منيعاً في وجه المطامع الاجنبية وتبنى على اساسات جغرافية سياسية اقتصادية وامنية كمان هو مذكور في غاية الحزب منذ تأسيسه.
- كان سعاده يرى ايضاً ان الكيان اللبناني سيولد حروباً طائفية وازمات اقتصادية وفقراً وهجرة ودعا باكراً الى تطوير نظامه السياسي الاقتصادي الاجتماعي والى التعاون الاقتصادي والسياسي مع دول الهلال الخصيب التي انشأتها اتفاقية سايكس بيكو من اجل ان تحفظ هذه الدول للشعب الموجود فيها الامن والاقتصاد والتقدم والحقوق، خاصة مع تقدم الحركة الصهيونية ونشوء الكيان "الاسرائيلي" سنة 1948.
- يلخص سعاده نظرة الحزب الى المسألتين اللبنانية والعربية بقوله ان القومية السورية على الاساس الاجتماعي هي المخرج العملي من التضارب الناشئ بين القومية اللبنانية على اساس الديني المسيحي والقومية العربية على الاساس اللغوي والديني الاسلامي.
ثانياً: توالي الاحداث من عودة سعاده الى اغتياله:
- على أثر عودته في 2 آذار 1947 والاستقبال الضخم الذي جرى له، تذرعت الحكومة ببعض المقاطع الواردة في خطابه وطلبت توقيفه فرفض واعتصم في الجبال الى أن سحبت حكومة رياض الصلح وبشارة الخوري مذكرة التوقيف بعد ستة اشهر.
- انه في هذه الفترة جرت الانتخابات النيابية واشترك فيها الحزب بمرشحين وتحالفات واصدر الزعيم برنامجاً انتخابياً حدد فيه موقفه من مختلف الشؤون السياسية والاقتصادية وبرنامجه الاصلاحي الذي يخوض على اساسه الانتخابات. ويتضح من هذا ان الحزب وزعيمه قبل ان يشترك في الحياة السياسية للدولة اللبنانية.
- انه في مطلع سنة 1948 بدأ سلسلة محاضرات بلغ عددها عشرة، شرح فيها عقيدة الحزب ونظرته الى العروبة والى لبنان والى القومية السورية ونهضة البلاد وصيانه وجودها.
- انه بين اواخر سنة 1947 وايار 1948 شهدت المسألة الفلسطينية تطورات خطيرة فأعلنت الامم المتحدة تقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني 1947 رد سعاده على قرار التقسيم باعلان التعبئة في حزبه للجهاد ضد العصابات الصهيونية من اجل انقاذ فلسطين وتحالف مع جيش الانقاذ بقيادة القومي.
- في ربيع 1948 دخلت الجيوش العربية لانقاذ فلسطين من اليهود وكان القوميون يقاتلون في مختلف المناطق. ثم حصلت الهدنة ووقعت النكبة في ايار 1948 وهجر جزء كبير من ابناء فلسطين.
- بدأ سعاده التحضير لمقاتلة "الدولة الصهيونية" الناشئة وأعلن في الاول من حزيران 1949 انه وحزبه سيحرران فلسطين ويزيلان "الدولة اليهودية" من الوجود.
- بعد ثلاثة ايام اي في الرابع من حزيران 1949 جاء موشيه شاريت، وزير خارجية "اسرائيل"، الى الشام واجتمع مع حسني الزعيم حاكم سورية في فندق بلودان وتمّ الاتفاق على امور عديدة ومنها تصفية الحزب القومي وزعيمه. كان موشيه شاريت متنكراً بلباس مقدم في الجيش. وهذا ما كشفه ضابط المخابرات السورية سامي جمعة في كتابه "اوراق من دفتر الوطن".
- بعد خمسة ايام على هذه الزيارة بدأ تنفيذ مؤامرة اغتيال سعاده وحزبه عبر افتعال (حادثة الجميزة) في التاسع من حزيران 1949 والتي زُجّ فيها حزب الكتائب اللبنانية للاشتباك مع القوميين في مطبعة الجيل الجديد الكائنة هناك حتى يقتل الزعيم اثناء الاشتباك ويتم التخلص منه.
- ان الاشتباك حصل لكن انطون سعاده خرج سالماً وفوجئ الحزب بانقضاض قوات الحكومة اللبنانية عليه وبحملة اعتقالات في كل الاراضي اللبنانية ضد اعضائه ومكاتبه وملاحقة زعيمه في كل مكان. وعجّل رياض الصلح وبشارة الخوري في عقد اجتماع ليلي لمجلس الامن المركزي والحكومة واتخذوا قراراً بحلّ الحزب وضربه.
- غادر انطون سعاده بيروت الى عاليه ثم البقاع ثم الى دمشق عبر الجبال، ولم تعتقله الحكومة اللبنانية لان مايسترو المؤامرة الدولية كان واثقاً من ان حسني الزعيم سينفذ دوره باتقان لخداع سعاده. فلو اعتقل في لبنان لما كان لدى الحكومة اللبنانية سبب لاعدامه.
- استمر اضطهاد الحزب من جهة الحكومة اللبنانية بشكل لم يترك مجالا لسعاده الا ان يرد وهنا جاء دور حسني الزعيم فوعده بالدعم العسكري واللوجستي ما ادى به الى اعلان الثورة في 4 تموز ضد الحكومة اللبنانية وقيام الحزب باحتلال مخافر وبأعمال عسكرية وهكذا اصبح مشروع الاعدام جاهزاً للتنفيذ.
- في خلال ساعات قليلة حنث حسني الزعيم بتعهداته لسعاده وسلمه الى الحكومة اللبنانية فأجرت له محاكمة سريعة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها في مخالفة كل اصول التحقيق والمحاكمة والدفاع ونفذ الحكم رمياً بالرصاص وقد حمل مرسوم التنفيذ تواقيع بشارة الخوري ورياض الصلح ووزراء آخرون.
- اعتبر الحزب القومي ان رياض الصلح هو المسؤول الرئيسي عن المؤامرة وكانت لدى الحزب وزعيمه معلومات عن علاقة الصلح مع اليهود وكذلك علاقة حزب الكتائب مع المنظمات الصهيونية.
- رد القوميون على اغتيال زعيمهم وضرب حزبهم فتمّ اعدام حسني الزعيم ووزيره محسن البرازي بعد اقل من اربعين يوماً على خيانته لسعاده اذ وقع في الشام انقلاب بتاريخ 14 آب 1949 بقيادة العميد سامي الحناوي وكان معه مجموعة من الضباط القوميين قاموا باعدام حسني الزعيم.
- لاحق القوميون رياض الصلح بمحاولات عديدة لاعدامه بدء من ايلول 1949 الى ان نجحت مجموعة منهم في عمان في شهر آب 1951.
- اما المدعي العام القاضي يوسف شربل فانه انتظر حتى سنة 1953 لينال جزاءه بضعة رصاصات لم تقتله بل اصابته بالشلل ما بقي حياً.
هذه باختصار شديد بعض الايضاحات حول مواضيع الكيان اللبناني والعروبة ونظرة الحزب اليهما وحول الظروف والملابسات التي انطوت عليها المؤامرة على الحزب القومي وزعيمه والتي ادت الى اغتيال سعاده سنة 1949 بمشاركة بين حكومة لبنان برئاسة رياض الصلح وحكومة الشام بقيادة حسني الزعيم
من الحزب السوري القومي الاجتماعي في 15 أكتوبر، 2011، الساعة 01:28 مساءً
أنطون سعاده صاحب نظرة واقعية وعلمية الى الكيان اللبناني والعروبة
ما هي ملابسات واسباب اغتياله سنة 1949؟
بقلم الامين كمال نادر
تظهر في وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية مقالات ومقابلات تعالج نواحي عقائدية عند الحزب القومي ومؤسسه انطون سعاده، وفي غالب الاحيان يكون المتكلمون من خارج الحزب ولا يملكون اطلاعاً كافياً على نظرة الحزب ومؤسسه الى مسألة الكيان اللبناني والعروبة وبعض الاحداث التي حصلت بين الحزب والحكومة اللبنانية وغير ذلك. وقد شاهدنا يوم الثلاثاء الواقع فيه 4/10/2011 حلقة على شاشة OTV من برنامج "تاريخ في رجل" تطرق فيها معد البرنامج الدكتور زياد نجيم وضيفه الأستاذ عادل مالك الى هذه المواضيع وملبسات المؤامرة التي أدت الى اغتيال زعيم الحزب سنة 1949، كما تضمنت الحلقة مقابلة مسجلة مع الامين محمد البعلبكي نقيب الصحافة اللبنانية بصفته عضواً في الحزب كان مقرباً من الزعيم في عام 1949.
يهمنا ان نوضح نظرة الحزب الى الكيان اللبناني والى العروبة والاسباب التي ادت الى اقدام الحكومة اللبنانية على اغتيال زعيم الحزب سنة 1949.
اولاً: المسألة اللبنانية والكيان اللبناني والعروبة:
- لم يرفض انطون سعاده الكيان اللبناني ويعمل لالغائه بل اعتبر ان المسألة اللبنانية نشأت في ظروف الدولة الدينية في الشرق ونزوع المسيحيين الى ان تكون لهم دولة يتمتعون فيها بالحقوق السياسية والمواطنية الكاملة والا يكونوا من اهل الذمة وتحت حماية الدولة الدينية ايا تكن.
- رأى سعاده ان الكيان اللبناني يجب ان يكون نطاق ضمان (للفكر الحرّ) ومصدراً للاشعاع في الشرق وفي سورية الطبيعية وان هذا الكيان هو وقف على ارادة (الشعب اللبناني) الحرة الواعية.
- أن تحقيق مبادئ الحزب القومي الاجتماعي وقيام النظام الجديد الذي لا يحمل تمييزاً طائفياً او مذهبيا او عرقيا ويفصل الدين عن الدولة ويلغي الحواجز بين الطوائف والمذاهب ويكفل العدالة الاقتصادية الاجتماعية والحقوقية مع احترام حرية المعتقد وديمقراطية التعبير، ان مثل هذا النظام يسقط المخاوف والهواجس عند الطوائف التي صنفت اقليات في الشرق وبالاخص المسيحيين.
- ان سعاده والحزب يميزان بين المسألة اللبنانية كحالة سياسية اوجبتها ظروف تاريخية معروفة والنهضة القومية الاجتماعية في سورية الطبيعية المستندة الى اساس جغرافي وشعبي وتاريخي وحضاري واقتصادي.
- ان الكيان اللبناني الذي تطور من المتصرفية الى لبنان الكبير سنة 1920 كان موضوع اعتراض ورفض من غالبية سكان الاقضية التي فصلت عن سورية والحقت بمتصرفية جبل لبنان بموجب قرار الجنرال غورو، وقد عبروا عن اعتراضهم ورفضهم هذا بتحركات وعرائض ومؤتمرات منها مؤتمر الوحدة السورية برئاسة عبدالحميد كرامة سنة 1928 وبحضور رياض الصلح وعبدالله اليافي ووفود من مسيحيي ومسلمي عكار وطرابلس وبيروت وصيدا وصور وجبل عامل ووادي التيم والبقاع بكامله وطالب هؤلاء بالبقاء ضمن الوحدة السورية.
- انه في سنة 1936 عقد ايضا مؤتمر الساحل في دار ابو علي سلام في المصيطبة في بيروت للمطالبة بالوحدة السورية.
- ان تطورات الحرب العالمية الثانية والصراع البريطاني الفرنسي انشأ ظروفاً جعلت رياض الصلح وبشارة الخوري وكميل شمعون ومعهم سياسيون آخرون يتفاهمون على قبول الكيان اللبناني مقابل شراكة سياسية واقتصادية وان يتخلى المعترضون عن المطالبة بالوحدة السورية او العربية. وهذا ما عبروا عنه بالميثاق الوطني في سنة 1943.
- انه في معركة استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي لعب القوميون الاجتماعيون دوراً اساسياً فعندما اعتقل رئيس الجمهورية والحكومة في قلعة راشيا امن القوميون المسجونون هناك التواصل الضروري بين المعتقلين والحكومة الموقتة التي نشأت في الخارج (خارج السجن).
- عندما تشكلت حكومة برئاسة حبيب ابو شهلا لجأت الى بشامون فأقامت في بيت انيس الحلبي السوري القومي ولا زال هذا البيت يعرف باسم بيت الاستقلال الى اليوم وتزوره وفود الطلبة والكشافة والسياسيين في ذكرى الاستقلال.
- ان القوميين الاجتماعيين قاموا بحماية هذه الحكومة في بشامون وجوارها لان قوى الجيش والدرك آن ذاك كانت بإمرة الفرنسيين. وهذا ما يفسر لماذا استشهد البطل القومي سعيد فخرالدين عندما كان مع رفاقه القوميين يحرس حكومة الاستقلال في محيط بشامون، ولم يستشهد غيره في معركة الاستقلال.
- ان الرفيق القومي الاجتماعي حسن موسى عبدالساتر من بلدة ايعات- بعلبك، هو شهيد العلم اللبناني الوحيد في معركة رفع العلم وانزال العلم الفرنسي عن قبة البرلمان في ساحة النجمة، وهو كان دركياً في سلك الدولة.
- عند عودة الزعيم من المغترب القسري في 2 آذار 1947 لم يضمن خطابه رفضاً للكيان اللبناني او للعروبة ونسفاً لهما بل دعا الى جعل الكيان اللبناني مركز اشعاع ونور وان يكون تعبيراً صادقاً عما في النفس اللبنانية من سمو ومن مرام كبيرة وجبارة، وأكد انه يحترم ارادة الشعب اللبناني وأشار الى تعاون الحزب مع الحكومات اللبنانية فيما يتعلق بمسائل السيادة والاستقلال مؤكداً انه لا يريد ان يفرض على الشعب اللبناني شيئاً.
- وعن العروبة قال في هذا الخطاب "اذا كان في العالم عروبة حقيقية صميمة فهي عروبة الحزب القومي الاجتماعي". وانتقد العروبة الخيالية الوهمية. وها نحن اليوم نرى الى اين اوصلتنا العروبة الرومانسية الخيالية من كوارث في فلسطين والعراق وغيرها ولذلك فسعاده ببعد نظره كتب سنة 1949 في جريدة الامين محمد البعلبكي مقالاً بعنوان "العروبة افلست"، كان يستشرف ذلك. وظل يصر على ضرورة قيام جبهة عربية موحدة تقف سداً منيعاً في وجه المطامع الاجنبية وتبنى على اساسات جغرافية سياسية اقتصادية وامنية كمان هو مذكور في غاية الحزب منذ تأسيسه.
- كان سعاده يرى ايضاً ان الكيان اللبناني سيولد حروباً طائفية وازمات اقتصادية وفقراً وهجرة ودعا باكراً الى تطوير نظامه السياسي الاقتصادي الاجتماعي والى التعاون الاقتصادي والسياسي مع دول الهلال الخصيب التي انشأتها اتفاقية سايكس بيكو من اجل ان تحفظ هذه الدول للشعب الموجود فيها الامن والاقتصاد والتقدم والحقوق، خاصة مع تقدم الحركة الصهيونية ونشوء الكيان "الاسرائيلي" سنة 1948.
- يلخص سعاده نظرة الحزب الى المسألتين اللبنانية والعربية بقوله ان القومية السورية على الاساس الاجتماعي هي المخرج العملي من التضارب الناشئ بين القومية اللبنانية على اساس الديني المسيحي والقومية العربية على الاساس اللغوي والديني الاسلامي.
ثانياً: توالي الاحداث من عودة سعاده الى اغتياله:
- على أثر عودته في 2 آذار 1947 والاستقبال الضخم الذي جرى له، تذرعت الحكومة ببعض المقاطع الواردة في خطابه وطلبت توقيفه فرفض واعتصم في الجبال الى أن سحبت حكومة رياض الصلح وبشارة الخوري مذكرة التوقيف بعد ستة اشهر.
- انه في هذه الفترة جرت الانتخابات النيابية واشترك فيها الحزب بمرشحين وتحالفات واصدر الزعيم برنامجاً انتخابياً حدد فيه موقفه من مختلف الشؤون السياسية والاقتصادية وبرنامجه الاصلاحي الذي يخوض على اساسه الانتخابات. ويتضح من هذا ان الحزب وزعيمه قبل ان يشترك في الحياة السياسية للدولة اللبنانية.
- انه في مطلع سنة 1948 بدأ سلسلة محاضرات بلغ عددها عشرة، شرح فيها عقيدة الحزب ونظرته الى العروبة والى لبنان والى القومية السورية ونهضة البلاد وصيانه وجودها.
- انه بين اواخر سنة 1947 وايار 1948 شهدت المسألة الفلسطينية تطورات خطيرة فأعلنت الامم المتحدة تقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني 1947 رد سعاده على قرار التقسيم باعلان التعبئة في حزبه للجهاد ضد العصابات الصهيونية من اجل انقاذ فلسطين وتحالف مع جيش الانقاذ بقيادة القومي.
- في ربيع 1948 دخلت الجيوش العربية لانقاذ فلسطين من اليهود وكان القوميون يقاتلون في مختلف المناطق. ثم حصلت الهدنة ووقعت النكبة في ايار 1948 وهجر جزء كبير من ابناء فلسطين.
- بدأ سعاده التحضير لمقاتلة "الدولة الصهيونية" الناشئة وأعلن في الاول من حزيران 1949 انه وحزبه سيحرران فلسطين ويزيلان "الدولة اليهودية" من الوجود.
- بعد ثلاثة ايام اي في الرابع من حزيران 1949 جاء موشيه شاريت، وزير خارجية "اسرائيل"، الى الشام واجتمع مع حسني الزعيم حاكم سورية في فندق بلودان وتمّ الاتفاق على امور عديدة ومنها تصفية الحزب القومي وزعيمه. كان موشيه شاريت متنكراً بلباس مقدم في الجيش. وهذا ما كشفه ضابط المخابرات السورية سامي جمعة في كتابه "اوراق من دفتر الوطن".
- بعد خمسة ايام على هذه الزيارة بدأ تنفيذ مؤامرة اغتيال سعاده وحزبه عبر افتعال (حادثة الجميزة) في التاسع من حزيران 1949 والتي زُجّ فيها حزب الكتائب اللبنانية للاشتباك مع القوميين في مطبعة الجيل الجديد الكائنة هناك حتى يقتل الزعيم اثناء الاشتباك ويتم التخلص منه.
- ان الاشتباك حصل لكن انطون سعاده خرج سالماً وفوجئ الحزب بانقضاض قوات الحكومة اللبنانية عليه وبحملة اعتقالات في كل الاراضي اللبنانية ضد اعضائه ومكاتبه وملاحقة زعيمه في كل مكان. وعجّل رياض الصلح وبشارة الخوري في عقد اجتماع ليلي لمجلس الامن المركزي والحكومة واتخذوا قراراً بحلّ الحزب وضربه.
- غادر انطون سعاده بيروت الى عاليه ثم البقاع ثم الى دمشق عبر الجبال، ولم تعتقله الحكومة اللبنانية لان مايسترو المؤامرة الدولية كان واثقاً من ان حسني الزعيم سينفذ دوره باتقان لخداع سعاده. فلو اعتقل في لبنان لما كان لدى الحكومة اللبنانية سبب لاعدامه.
- استمر اضطهاد الحزب من جهة الحكومة اللبنانية بشكل لم يترك مجالا لسعاده الا ان يرد وهنا جاء دور حسني الزعيم فوعده بالدعم العسكري واللوجستي ما ادى به الى اعلان الثورة في 4 تموز ضد الحكومة اللبنانية وقيام الحزب باحتلال مخافر وبأعمال عسكرية وهكذا اصبح مشروع الاعدام جاهزاً للتنفيذ.
- في خلال ساعات قليلة حنث حسني الزعيم بتعهداته لسعاده وسلمه الى الحكومة اللبنانية فأجرت له محاكمة سريعة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها في مخالفة كل اصول التحقيق والمحاكمة والدفاع ونفذ الحكم رمياً بالرصاص وقد حمل مرسوم التنفيذ تواقيع بشارة الخوري ورياض الصلح ووزراء آخرون.
- اعتبر الحزب القومي ان رياض الصلح هو المسؤول الرئيسي عن المؤامرة وكانت لدى الحزب وزعيمه معلومات عن علاقة الصلح مع اليهود وكذلك علاقة حزب الكتائب مع المنظمات الصهيونية.
- رد القوميون على اغتيال زعيمهم وضرب حزبهم فتمّ اعدام حسني الزعيم ووزيره محسن البرازي بعد اقل من اربعين يوماً على خيانته لسعاده اذ وقع في الشام انقلاب بتاريخ 14 آب 1949 بقيادة العميد سامي الحناوي وكان معه مجموعة من الضباط القوميين قاموا باعدام حسني الزعيم.
- لاحق القوميون رياض الصلح بمحاولات عديدة لاعدامه بدء من ايلول 1949 الى ان نجحت مجموعة منهم في عمان في شهر آب 1951.
- اما المدعي العام القاضي يوسف شربل فانه انتظر حتى سنة 1953 لينال جزاءه بضعة رصاصات لم تقتله بل اصابته بالشلل ما بقي حياً.
هذه باختصار شديد بعض الايضاحات حول مواضيع الكيان اللبناني والعروبة ونظرة الحزب اليهما وحول الظروف والملابسات التي انطوت عليها المؤامرة على الحزب القومي وزعيمه والتي ادت الى اغتيال سعاده سنة 1949 بمشاركة بين حكومة لبنان برئاسة رياض الصلح وحكومة الشام بقيادة حسني الزعيم
