m3rouf alkhoder
أهلاً بكم في المنتدى الخاص بمعروف الخضر يمكنكم تصفح الموقع ولوضع المشاركات يرجى التسجيل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

m3rouf alkhoder
أهلاً بكم في المنتدى الخاص بمعروف الخضر يمكنكم تصفح الموقع ولوضع المشاركات يرجى التسجيل
m3rouf alkhoder
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
m3rouf alkhoder

منتدى شعري ثقافي

designer : yaser marouf email:y.a.s.e.r.94@hotmail.com

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

صندوق أدونيس و وضاح اليمن كما يراه أدونيس .................شوقي يوسف بهنام

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

Admin


Admin

شوقي يوسف بهنام : صندوق أدونيس و وضاح اليمن كما يراه أدونيس

Posted: 04 Jun 2013 12:59 PM PDT

يقف أدونيس ، كما بينا في أكثر من مناسبة ، عند بعض الرموز التي تشكل أو يمكن أن تأخذ أو تؤول وفق منحى معين .. ومن هذه النقطة بالذات ، فأن تعدد المناحي سيكون وفق وجهة نظر صاحب المنحى .. أو صاحب القراءة … أو الراغب في التأويل . ومن هنا يتراكم الثراء حول معاني الرمز ودلالاته . وهذه المرة يستوقفنا أدونيس مع شخصية يمكن أن تدخل ضمن هذا الإطار .. أعني إطار التأويل ومجال القراءة . وعلى الرغم من أنه ليس من شأننا ، كما أكدنا ونؤكد ، في هذه المقاربات ، الوقوف عند هذا الحدث التاريخي أو ذاك .. أو هذه القصة أو تلك ، أو هذه الرواية أو الأسطورة تلك . فأن هذا لا يمنع من وضع هذه الأجناس الإخبارية موضع فحص أو تمحيص انطلاقا من مناهج مختلفة .. لعل أهمها الوجهة النفسية .. شخصية هذه السطور هي وضاح اليمن .. لنقف ، أولا عند ترجمة صاحب الأعلام ، على الرغم من قصرها الشديد ، حيث يقول ( عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد كلال ، من آل خولان ، من حِميَر، شاعر رقيق الغزل ، عجيب النسيب . كان جميل الطلعة ، يتقنع في المواسم . له أخبار مع عشيقة له اسمها ( روضة ) من أهل اليمن قدم مكة حاجا في خلافة الوليد أبن عبد الملك ، فرأى ( أم البنين ) بنت عبد العزيز ، زوجة الوليد، فتغزل بها ، فقتله الوليد وهو صاحب الأبيات التي منها:-

( قالت ألا لا تلجن دارنا إن أبانا رجل غائر ) ( 1 )

*******************ويبدو أن وضاحا أصبح مثار شك من حيث نسبه أو أخباره أو حتى قصته مع زوجة الخليفة وأخيرا نسبة الأشعار المنسوبة إليه . مما حدا باحد الباحثين بأن يقوم بدراسة نقدية تحليلية لتغطية مشكل وضاح اليمن ( 2 ) . وقد خرج هذا الباحث بجملة من التصورات عن شخصية هذا الشاعر أوجزها في الخاتمة . ونحن لا يهمنا .. كثيرا .. أو لا يهمنا البتة من يكون وضاح هذا قدر ما نريد ان نقف على تلك الصورة التي رسمها لنا أدونيس عنه . قبل ان يبدأ أدونيس قصيدته عن وضاح .. يقتبس بيتا وينسبه إليه . وهذا المقطع ، هو بيت شعري للشاعر عبد الله بن قيس الرقيات . هذا ما يؤكده هذا الباحث لمرجعية هذا البيت ( 3 ) و لا بأس من أن نقف عند هذا كاملا . يقول الرقيات :-
أصحوتَ عن أم البنيـــــــــــــــ ن وذكرها وعنائها ؟

*******************

و لابد أن نعلم مسألة مهمة .. بل و في غاية الأهمية هي أن أم البنين نفسها – كما تقول الروايات التي روت هذه القصة ـ قد طلبت من وضاح والرقيات أن ينسبا لها . وهذا يعني أن الرقيات ـ من خلال هذا البيت ـ يخاطب وضاحا ويسأله إن كان قد صحا من تأثير أم البنين عليه . وهذا يقودنا إلى التساؤل فيما إذا كان أدونيس لم يكن ملما كل الإلمام بقضية وضاح وعلاقته بأم البنين . ومن ثم ظهور هذه الإشكالية … وأيضا نحن لا يهمنا تفاصيل تلك العلاقة .. إن كانت أسطورية أو حقيقة واقعة وإن كان وضاح فارسيا أو عربيا . وما دلالة أن يكون فارسيا ويغرر بزوجة أمير المؤمنين هذه أمور ، كلها لا تقع ضمن دائرة اهتمامنا بشكل مباشر . المهم لدينا هو رؤية أدونيس لشخصية وضاح . لنقرأ إذن قصيدة أدونيس التي يقول فيها ، وهي على مقاطع وتتضمن سردا وحوارا … بين أدونيس ووضاح .. حيث يقول :-

وضاح ُ ، هل صحوتَ ، هل رأيتَ
حيث انتهى الماضي وما انتهيت
عباءتي ، وراسيَ المسروق ؟ .

( المجموعة الكاملة ، مجلد 2 ، ص 488 )

********************

ماذا كان أدونيس يتوقع أن يرى وضاح فيما لو صحا ؟؟ . أدونيس يريد من وضاح أن يصحو من الموت لا من حب أم البنين .. ليرى فجيعة الشاعر . يؤكد أدونيس على ان وضاح لم يمت !! أنه مجرد نائم ونائم فقط . أن أدونيس ، هنا ، يريد أن يلوي عنق الزمن ويعيده إلى الوراء .. لكي يصحو وضاح من جديد ويشهد على فجيعة الشاعر . ما هي فجيعة الشاعر ؟ فجيعته هي أنها لم يبقى منه غير عباءة ورأسه المسروق !! . قد يكون مقطوعا لا بسيف الخليفة بل بسيف القمع واللا فهم … . هذه هي ، على ما يبدو ، أولى علامات التشابه بين أدونيس ووضاح اليمن . كلاهما غارقان في سبات عميق .. وضاح في سبات أم البنين و أدونيس في سبات الحسرة والكتمان .. أعني سبات الخوف من سيف القمع وسياطه . ينتهي السويسي مستنتجا أن قصة وضاح ليست غير أسطورة . ويتمركز محور الأسطورة بعلاقة وضاح بزوجة الخليفة ( 4 ) . من هنا ، يمكن القول ، وإذا كان هذا الاعتبار ذاته الذي ينطلق من أدونيس أيضا … اعني ان قصة وضاح ليست غير أسطورة ، أن أدونيس سوف يخاطب وضاحا على هذا الاعتبار . ومن هنا ، هذا المنطق الكلي الذي يخاطب أو يحاور أدونيس وضاحا . يقول أدونيس :-

فحصت ُ كل دير
نقبت ُ كل بيــت
فتشت ُ كل دن
سألت قهرمانة للجن …

( المجمعة الكاملة ، مجلد2 ، ص 488 )

*****************
هنا أدونيس يبث شكواه إلى وضاح كأن وضاح قد ضُم إلى حضيرة أبطال القصص الغرامية والخرافات الشعبية (5) . أعني البطل الذي لا تقف أمامه أي حواجز . والبطل هنا .. أعني في هذه الصورة هو أدونيس متماهيا مع وضاح . سيكمل أدونيس في المقطع الثاني رسم ملامح صورة البطل وضاح . والبطل المتماهي معه .. أعني أدونيس وأسطورته والتي يعيشها في بعدها الرمزي والتجريدي . هنا تداخل في الأصوات .. فأدونيس ، كما مر معنا ، يخاطب وضاح على اعتبار أن وضاح شاهد لمأساة الشاعر ، ومرة أخرى ، يصف لنا أدونيس محنته ولكن في سياق أسطورة وضاح نفسها . يقول أدونيس :-

فأمس ، والمفتاح
يفتح باب بيتها
أ ُنزلت ُ في صندوق
مثلك يا وضاح
وأنزل الصندوق
في البئر ….
( المرجع السابق ، ص 489 )

**********************
ما دمنا في مجال الأسطورة .. فلا بأس من العروج إلى مفردات لها رمزيتها ، سواء في مجال المأثور الشعبي أو المنظور النفسي لها .. والمفردتان اللتان تهمنا هنا هما المفتاح والصندوق … نحن نميل إلى الظن إلى أن أدونيس ، على الرغم من أنه نقل معطيات الأسطورة بشكلها التقليدي .. الإ أنه لم يكن بعيدا عن رمزية تلك المعطيات .. وقد غير أدونيس هذا الفهم من اسطوريته الى الصوت الذي أبتكره وكان من معطياته . وكان ، في تقديرنا ، رؤية الشاعر على هامش الأسطورة … أن الصوت إذن ليس غبر تأويل لتلك المعطيات . لقد كان لأدونيس مفتاحا .. ولكن هل مفتاح أدونيس هو مفتاح أبواب قصر أُم البنين .. ؟ أم انه رمز إلى القدرات الكليانية التي يملكها وضاح القرن العشرين ؟؟؟؟؟؟؟؟ . أم أنه رمز لخصوبته الجنسية اللامتناهية ؟؟؟ والتي جعلته ينقب كل بيت ويفتش كل دن . وإذا كان أدونيس يمتلك مفتاحا من هذا النوع فأن هذا يعني أن هناك أقفال لأبواب موصدة بوجه أدونيس وأدونيس يحمل المفتاح لجميعها . فهو إذن المفتاح السحري !!! . والمفتاح هو ( انعكاس للخفي ، للمعرفة ، للكشف . وهو أيضا رمز للسر المصون . وحول هذا المعنى تتركز ميثولوجية السر لدى المتصوفة . وفي الطب المحلي المستوحى من بيئته يسهم المفتاح في طائفة من المعتقدات السحرية ـ العلاجية ـ الدينية ؛ يعتقد أنه يطرد الشياطين ” في حال استحواذها على الإنسان ” ويزيل الحمى ويعالج داء الصرع ) ( 6 ) . وترى مدرسة التحليل النفسي أن للمفتاح رمزا مذكرا كما يتجلى في الأحلام ( 7 ) . ويمكن أن تنسحب هذه الرمزية إلى مفردات النص ، لأن مفتاح باب البيت … أعني بيت المرأة المقصودة يعني محاولة الدخول إليها .. كما تروي قصة وضاح .. ولننتقل إلى الصندوق ، لنجد أنه هو الآخر له رمزيته ووفق المنظورات السابقة نفسها . يقول مالك شبل في المعجم نفسه ( إذا كان الصندوق يمت بصلة إلى الخوارق ” أحصي في كتاب ألف ليلة وليلة إحدى عشرة حالة متميزة يلعب فيها الصندوق دورا حاسما ” فأنه ، مع ذلك رمز للأسرار ولحفظ هذه الأسرار ، وأخيرا كشفها ) ويؤكد صاحب المعجم هذا ، أن رمز الصندوق قريب أو له قرابة مع القفل والمفتاح . ( 8 ) . لكن السويسي يذكر ، نقلا عن اليساف ، أنه ورد الصندوق في خمس قصص من قصص ألف ليلة وليلة تشابه تماما قصة وضاح ( 9 ) . الاختلاف في عدد القصص لا يهمنا كثيرا .. قدر ما يهمنا فكرة الصندوق ورمزيتها في المأثور الشعبي .. أما في منظور التحليل النفسي فإن الأمر لا يختلف أيضا عن رمزية القفل والمفتاح . فالصندوق وكل الأشياء التي فيها تجويف فترمز إلى جهاز المرأة التناسلي مثل المناجم ، الحفر ، الكهوف ، الأنية والقناني والخزانات والجيوب .. ( 10 ) . تلك إذن هي الأبعاد الرمزية للمفتاح والصندوق .. وعلى الرغم من أن أدونيس لم يذكر القفل بشكل صريح ألا انه موجود ضمنا ، ذلك أن الصندوق ، في حالة أدونيس ، أو في حالة وضاح لابد أن يكون مقفلا بالضرورة … لنعود مرة أخرى إلى نص أدونيسي يؤكد لنا أن أدونيس قد أ ُنزل َ هو الآخر في الصندوق . ومن حقنا بل من الواجب أن نتساءل عن دوافع أنِزال أدونيس في الصندوق .. أن عبارة ( مثلك يا وضاح ) توضح أن هناك سببا لعملية الإنزال هذه . ونحن نعلم أن وضاح قد أنزلته أًم البنين في الصندوق لكي لا يكتشف الخليفة علاقتها بوضاح . فمن هي سعيدة الحظ التي أنزلت أدونيس في صندوقها لكي لا يكتشف سرها ؟ !! . ادونيس هنا ، على الرغم من انه يلعب دور البطل في النص ، فأنه لم يذكر لنا ، شيئا عن صاحبة الصندوق هذا أي شيء على الإطلاق . صحيح انه كان يمتلك مفاتيح بيتها ألا أن هويتها لا زالت مجهولة … بل مغيبة تماما . أتكون الأمة التي ينتمي إليها أدونيس وحاول تفتيش وفتح صناديقها …؟؟؟ ! . أعني مقدساتها ومجاهيل تلك المقدسات ؟؟ هذا أمر متروك لأدونيس نفسه .. نحن هنا ، الآن قد وضعنا يدنا ، فيما نعتقد ، على الهم الأكبر لدى أدونيس . وضاح أ ُخفي في الصندوق ولم يرى أحدا أي أثر له .. بمعنى انه لم يرَ ما يدور من حوله .. كيف ، وهو مخفي في الصندوق ، كل ما تقوله الأسطورة ، انه رمُي وهو في الصندوق والقُي في بئر قد حفره الخليفة لهذا الغرض . . أدونيس هو الآخر ، اخُفي في صندوق والقُي قي بئر . أي بئر هذا الذي القُي به ادونيس ؟؟؟؟ ! ولكن ماذا كان في البئر .. تقول الأسطورة أنه ليس هناك من شيء سوى الصندوق . لكن الأمر مختلف كليا مع أدونيس . أدونيس وهو في البئر وداخل الصندوق سمع صوتا يناديه . ترى ماذا قال هذا الصوت لأدونيس . قال له :-

كان صوت
يقول : ” وكل أرض بئر ،
وكل حب ٍ يعيش _ كل حب يموت _
في صندوق ”

(المرجع السابق ، ص 490)

****************

من أين جاء هذا الصوت ؟؟ أدونيس لا يجيب على هذا السؤال . هل هو وحي ؟!!!! . نميل إلى الظن أن ادونيس لا بقع في هذا المطب . إذن ما هو مصدره ؟ . ليس لنا ألا أن نقبل مسألة هي أن هذا الصوت هو من اختراع أدونيس نفسه . أنه من عندياته لا غير . يريد ادونيس أن يقول ، أن هذا الصوت هو جوهر خطابه الذي أعلنه من غياهب البئر وهو في الصندوق !!! . هنا يترك أدونيس وضاح لينفرد لكي يكون بطل القصيدة .. مثلما كان في بدئها مجرد عباءة ورأس مسروق !!! . إذا كان الخليفة قد رمى وضاح في البئر ضنا منه أنه لن يعرف أحدا سر وضاح وسر علاقته بأُم البنين . لقد اعتقد الخليفة ، هكذا تعتقد الأسطورة ، أن موت وضاح سوف يرد له الاعتبار .. ويحفظ وجه ماء الخليفة .. . لكن الخليفة تناسى أن كل الأرض هي بئر !!! . إذن أصبح شأن البئر منتشرا ومعروفا في كل الأرض . وماذا بشأن الحب ؟ حب وضاح لأم البنين .. لقد أخفت أم البنين وضاح في الصندوق ضنا منها أن الخليفة لن يكشف سر وضاح وبالتالي سيبقى حبها معه في صندوق !! . أي مكتوم .. تلف به الأسرار من كل جانب . هل يريد أدونيس أن يقدم لنا ، هنا ، تنظيرا أو مفهوما خاصا به حول مفهوم الحب ؟ . نميل إلى الظن أنه يريد أن يقوم بذلك . ولنعود مرة أخرى إلى معجم شبل لنرى كيف يرى التراث الإسلامي مفهوم الحب .. يقول شبل في معجمه ( حالة عشق ، سواء كان صوفيا أو دنيويا . يعاش الحب ، على الصعيد الأدبي ، على صورة عذاب مفترس ، وبعد وألم . هذه العناصر الثلاثة تؤسس لميثولوجية الحب العفيف لدى العذريين ، وهو حب مفعم بالمرارة مثقل بالغم يغذيه الانتظار وتحرقه عذابات النفس وتآكل الجسد … ) ( 11 ) . وإذا كان أدونيس قد أنطلق من أسطورة وضاح ليتبنى تصورا عن الحب ، اعني من حب وضاح لأم البنين نموذجا ، فأن الصورة الواردة في هذا المقطع هي تعبير لذلك النموذج خير تعبير .. إلى هنا ينتهي الصوت ، حيث يتمالك أدونيس أنفاسه مخاطبا وضاح قائلا :-
سمعتنَني ؟ صحوتَ ؟
الله … كيف ؟ ماذا ؟
كبوت َ من جديد
ونمت َ ؟ كيف نمت َ ؟
( الآثار الكاملة ، مجلد 2 ، ص 490 )

********************
لقد قاد الحب بوضاح إلى الصندوق ، فهل كل حب يؤول إلى هذا المصير الشقي ؟ نعم ولكن في صيغة أخرى . فهو ينهي بصندوق الزواج وبئر المقدس !! . ليس هذا التخريج سوى قراءة ، من عندياتنا ، نأمل أن نكون على صواب .. في هذا المقطع ، يصحو أدونيس من سكرة الصوت ويلتفت إلى وضاح . ولعله يتخيل نفسه هو ووضاح في صندوق واحد وبئر واحدة . نعم يصحو ويخاطب وضاح وإذا بصحو وضاح لم يكن غير صحوا كاذبا سرعان ما كبى كبوته من جديد وراح في سكرة أُم البنين . أدونيس تعتريه الدهشة كلها أمام هذا الضعف الذي الم َّ بوضاح … أنه يتساءل ويمعن في السؤال .. في المقطع الأخير من القصيدة .. نجد أدونيس يجابه الإشكال لوحده … لقد تركه وضاح ونام نومه الأبدي . ها هو أدونيس ، في هذا المقطع يخرج هو وعباءته ورأسه المسروق ليرى نفسه وجسده لم يغادر الشام بكل تفاصيلها … جبل قاسيون والنخلة والعشب وحتى الخبز . يقول شبل في معجمه حول رمزية الخبز .. ما يلي ( أن رمز الخبز الذي نقطعه باليد ونقدمه للمدعوين عربون عهد وصداقة ، هو رمز مسيحي . والخبز مبارك في الإسلام وهو هبة من الله على غرار الأغذية الأرضية الأساسية .. يحتوي الخبز شيء من بركة لا يستهان بها بحيث إنه بركة الأرض التي تحرث والحصاد الذي ينضج والبئر التي تحفر ) ( 12 ) . ينبغي أن لا ننسى مسألة في غاية الأهمية ، وقد انتبه إليها أدونيس وأودعها في هذا المقطع … أعني المقطع الأخير .. والمسألة هي مسرح الأحداث .. اعني المكان الذي قُتل فيه وضاح . والمكان هو بلاد الشام … مكان الخليفة الوليد ابن عبدالملك . ومن هنا يأتي شاعرنا أدونيس ليؤكد أسطورة وضاح . ولنصغي إليه ، حيث يقول :-
…. والنهر لا ينام
وقاسيون حارس كالدهر لا ينام
والنخلة الهدباء لا تنام
والعشب لا ينام
والخبز ليس نوما
والحب ليس نوما

( الآثار الكاملة ، مجلد 2 ، ص 490 )

**********************

يبدو للوهلة الأولى أن خاتمة القصيدة .. أعني المقطع الأخير منها لا علاقة له بما أورده ادونيس في المقاطع الأخرى منها . حيث كرس أدونيس بقية المقاطع لبطله ، ذلك البطل الذي أزعج الخليفة واخترق حرماته !! حتى أنتهى به المطاف إلى انه تخيل نفسه هو والبطل في صندوق واحد …. . ويتعجب ادونيس بل يحزن ويتأسف لأنه رأى وضاح قد نام إلى الأبد … لقد لحق وضاح أُم البنين .. و مثل علي بابا !! دخل عليها وهي في القصر . أي أنه جاء إلى الشام ليرى أُم البنين . وفي الشام كشف الخليفة أمره فدبر له ذلك المصير للخلاص منه . وها هو أدونيس يقول لوضاح : كيف دخلت إلى قصر الخليفة والقصر محاط بالجبل الساهر… الرقيب والنخلة بطولها الجميل هي الأخرى لا تنام . كل شيء في الشام ، بلد أُم البنين لا ينام .. العشب .. الخبز .. الحب .. فكيف يا وضاح تتمكن من التسلل إلى قصر الخليفة لتلتقي بزوجته ؟؟؟ هيهات …. هيهات لك يا وضاح من ذلك الأمر وكل شيء في الشام لا ينام ….. أن أدونيس هنا ، في تصورنا على الأقل ، هو الآخر ينظم إلى الذين يقولون بأسطورية قصة وضاح اليمن مع أُم البنين . هذا ما حاولنا استجلائه وخصوصا من معطيات المقطع الأخير من القصيدة …

الهوامش :-
1- الزركلي ، د.ت ، الأعلام ، مجلد 3 ، القاهرة ، ص 299 .
2- د . السويسي ، رضا الحبيب ، 1974 ، وضاح اليمن : الشاعر وقصته ، منشورات جامعة طرابلس ، ليبيا ، ص 114-115 .
3- د. السويسي ، نفس المصدر السابق ، ص 93 .
4- د. السويسي ، نقس المصدر السابق ، ص 109 ، 112 .
5- د . السويسي ، نقس المصدر السابق ، ص 6 .
6- أ- شبل ، مالك ، 2000 ، معجم الرموز الإسلامية ، ترجمة أنطوان ألهاشم ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، ص 307 .
ب – د . سليم ، شاكر مصطفى ، 1981 ، قاموس الانثروبولوجيا ، جامعة الكويت ، ط1 ، ص 528 .
7 أ – فرويد ، سيجموند ، 1980 ، نظرية الأحلام ، ترجمة : جورج طرابيشي ، دار الطليعة ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، ص 102 .
ب . فرويد ، سيجموند ، د.ت ، تفسير الأحلام ، ترجمة : مصطفى صفوان ، دار المعارف ، مصر ، ص 361 .
8- شبل ، المرجع السابق ، ص 182 .
9- د . السويسي ، المرجع السابق ، ص 104 .
10 – أ. فرويد ، نظرية الأحلام ، ص 99 .
ب – فرويد ، تفسير الأحلام ، 178 .
11- شبل ، المرجع السابق ، ص 82-83 .
12 – شبل ، المرجع السابق ، ص 111 .

http://m3rouf.mountada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى