الرئيسية
أحدث الصور
حضرة المتابع المحترم
حضرة الرفيق المحترم
تحية سورية قومية اجتماعية
هذا البحث يحتوي على ثلاثة فصول
الفصل الاول : تعريف المؤسسات
فقرة ثالثة: تعريف المصالح ومفهومها (وفيها مفهوم المصالح في الحزب السوري القومي الاجتماعي عند سعادة).
لإعطاء هذه الفقرة حقها سوف يتم تقديمها على بابين منفصلين:
- الباب الاول: سيتحدث عن المصلحة وتعريفها وعلاقتها بالمتحد و المجتمع والامة والدولة ودور القومية الاجتماعية في خلق المفهوم الجديد للمصلحة.
- والباب الثاني: سيتحدث عن المصلحة وعلاقتها بالمؤسسات و بالمفهوم القومي الاجتماعي وعلاقتها بالأمة والمؤسسات والمجتمع ودور الحزب السوري القومي الاجتماعي بنشوء مفهوم المصالح القومية العليا وعقلية الدولة السورية القومية الاجتماعية.
في الباب الاول:
سيتحدث عن المصلحة وتعريفها وعلاقتها بالمتحد و المجتمع والامة والدولة ودور القومية الاجتماعية في خلق المفهوم الجديد للمصلحة .
توطئة:
قد يسأل سائل ما علاقة كل هذا البحث في السؤال المطروح والمتعلق ب(دراسة تحليلية في المجلس القومي وعضويته ورتبة الامانة: أسسها، أهدافها وآليات العمل بها وكيفية التعاطي مع هاتين الوظيفتين حالياً)؟
نجيب: ان فهم العقيدة القومية الاجتماعية وفهم مدرستها السورية القومية الاجتماعية وطرحها في مفهوم قيامة الدولة ونشوئها وقيامة المؤسسات ونشوئها وقيامة الوظائف والرتب فيها ونشوء الصلاحيات والاختصاص لهو شرط اساسي لفهم انطون سعادة, لفهم نظرته الجديدة للحياة وللسياسة اولا, وللامة ومفهوم الدولة العادلة قبل أي شيء.
وما لم يتحقق هذا الفهم , عبث هو عملنا, ومضيعة للوقت, وهدر للطاقات, وتهجير للإمكانيات, وتدمير للقضية القومية, فيصبح عملنا اشتغال في السياسة مجردة وتحويل كل ما هو سوري قومي اجتماعي الى مصلحة قريبة تخدم اصحاب النفوس المريضة وطالبي السلطة, واصحاب رؤوس الاموال والمتنفذين اكان في الحزب او في الدولة القومية الاجتماعية المتمثلة بالحزب السوري القومي الاجتماعي المعبر عن دولة الامة وصورتها مصغرة.
وانطلاقا من هذه التوطئة للباب الاول اعلاه
اسئلة تطرح نفسها:
ما هو تعريف المصالح؟
ما هو مفهوم المصلحة؟
ما هو الفرق ما بين المصلحة القريبة والمصلحة العليا؟
ماذا تعني المصالح القومية العليا وما هو مفهومها؟
ماذا نعني ب:
1- مصالح الشعب؟
2- مصلحة الدولة والوطن والمجتمع؟
3- مصلحة الامة؟
ما هو الفرق بين مصلحة الدولة ومصلحة المجتمع؟
ما هو الفرق ما بين مصالح الشعب ومصلحة الامة؟
ما هي العلاقة بين الدولة والوطن وما بين المجتمع والامة وما هو دور الشعب (اي الافراد) في هذه العلاقة؟
ماذا اراد سعادة من انشاء المصالح ولماذا اطّرها في مؤسسات حكمية وسن لها قسم المسؤولية وما الغاية من هذه المؤسسات وما الغاية من قسم المسؤولية؟
ما هو دور الحزب السوري القومي الاجتماعي في خلق المفاهيم لكل ما ورد علاه وما هو مفهوم القومية الاجتماعية لها؟
ما هو دور مؤسسات الحزب السوري القومي الاجتماعي وظائفها ورتبها الناتجة عنها في هذه المصالح؟
وللإجابة على هذه التساؤلات والاستفاضة فيها علينا اولا ان نجيب على هذا السؤال ما هو مفهوم المصلحة و ما هو معناها؟:
وفقا للعلوم الاجتماعية في تفسيرها للمصلحة : هي مجموعة الحاجات التي تلبي رغبات الفرد وتحقق له اهدافه وتشبع له رغباته وتؤمن له شروط الاكتفاء والاستغناء وتسمى المصلحة القريبة.
فمثلا الجنس هو مصلحة لا يمكن اشباعها الا بتأمين حاجاتها من خلال الزواج او اقامة العلاقات مع الجنس الاخر للإشباع واطفائها هذه الحاجة الغريزية.
وكذلك الجوع والعطش والعمل والاطمئنان والدفء, فهي كلها حاجات فردية تؤمن الاكتفاء للفرد وتشعره بتحقيق حاجاته الاولية وهذا ما يعرف علميا باسم : المصلحة القريبة.
ولكن هل حياة الانسان هي حياة مستقلة وقائمة بحد ذاتها ام هي حياة جماعية تفرض الاطمئنان الاجتماعي والاكتفاء الجماعي وتأمين صيرورة الحياة الانسانية من خلال تأمين متطلبات البشر كجماعة و بشكل جماعي وليس كأفراد ؟
اذا هذه هو سر وجود مفهوم المصلحة العليا في الحياة الاجتماعية التي تؤمن حياة الجماعة ككل وتؤمن الاكتفاء الاجتماعي لجميع مكونا المجتمع أي جميع افراد الجماعة بشكل متساويٍ.
فكلما توسعنا في عملية البحث عن المصلحة الجماعية للبحث عن راحة الجماعة ومتطلباتها كلما بحثنا عن روح الجماعة المتمثلة بإرادتها في الحياة وارادة الصراع فيها لتحقيق قيمها, ومصالحا. ولتأمين سيادتها ولصيانة مجتمعها. ولتمتين اواصر الوحدة النفسية فيه التي تشكل أحد اهم عوامل التقدم و الارتقاء, وبالتالي التطور والنمو والاشتراك الفعلي في الحياة الانسانية بجميع نواحي الحياة على الاطلاق.
ان كانت المصلحة هي الجانب الايجابي في الحياة للبحث عن تحقيق الاشباع فيها, فان الارادة هي الجانب السلبي الذي يؤمن طواعية الارادة ويوّلد الوحدة النفسية لتحقيق الاشباع وتأمين الحاجات باختصار يمكننا القول هو: روح الجماعة والعمل المنظم.
أي انه ومن جانب اخر في المفهوم القومي الاجتماعي للإشباع وتأمين الطمأنينة : شرط اساسي لتحقيق المصالح العليا وجود الارادة والعزيمة الصادقة (راجع نص القسم والتعاقد مع صاحب الفكر السوري القومي الاجتماعي) الذي هو شرط هذا الانتماء للجماعة وللانتظام في الاعمال المنظمة.
هذا هو مفهوم المصلحة من منظار القومية الاجتماعية, وليس اي شيء اخر.
حيث يؤكد سعادة جازماً بان: "التّوسّع في معنى المصلحة يشمل كلّ ما تنطوي عليه النّفس الإنسانيّة في علاقاتها وبهذا المعنى نتكلّم عن المصلحة الاجتماعيّة. وإذا كانت المصلحة والإرادة هما قطبا المجتمع فواحدها سلبيّ وهو المصلحة والآخر إيجابي وهو الإرادة، فالمصلحة هي الّتي تقرّر العلاقات جميعها والإرادة هي الّتي تحقّقها. وبديهيّ أنّه لا إرادة حيث لا مصلحة، فحين يجوع الإنسان يريد أن يأكل وحين يعطش يريد أن يشرب وحين يشتاق يريد أن يحبّ. فالمصلحة هي طلب حصول ارتياح النفس. وتحقيق ارتياح النّفس هو غرض الإرادة." .18
اذا, المصلحة في المفهوم القومي الاجتماعي مرتبطة بالوعي العام كما هي مرتبطة بتحقيق تأمين راحة هذا الوعي في المتحد عموما وفي الجماعة عامة اكانت هذه الجماعة تتشكل في (مؤسسة او جمعية او حزب او غير ذلك ) من خلال تأمين حاجاته ومتطلباته على اساس "العدلين الحقوقي والاقتصادي". وليس على اساس المنفعة الشخصية, والمحسوبية والمحاصصة والاستزالم والتفردن والسيطرة الفوضوية واقصاء الخبرات والقدرات, وتعميم الفائدة الفردية والمصالح القريبة وشراء الذمم.
وبهذا يحسم سعادة الجدل ومن مفهوم علمي محض: " وهكذا نرى أنّ المصلحة غير المنفعة أو الفائدة، وليست هي دائماً وليدة الشّعور بالحاجة ولا هي والحاجة شيئاً واحداً. إنّنا نعني بالمصلحة في هذا البحث كلّ ما يولّد أو يسبّب عملاً اجتماعيّا وبناءً على هذا التّعريف يمكننا أن نقول إنّ رابطة المتّحد هي رابطه المصلحة، فالمصلحة وراء كلّ متّحد. وكلّما نمت الحياة وازدادت ازدادت المصالح الّتي تولّد الاجتماع وقلّت المصالح المفرّقة. 19
اذا سعادة ربط المصلحة بحقيقة المتحد وبإرادة المتحد وبعملية الارتقاء فيه. ويعود السبب لهذا الربط لان المصالح في فكر سعادة هي شؤون تنفيذية تطبيقية تحتاج للإجهاد الفيزيائي والتطبيق العملي. وهي منظومة العمل في كيفية ادارة المتحدات من خلال مفهوم المؤسسات لتحقيق الحياة ووحدة الحياة فيها. ومن هنا جعل سعادة المصالح مرتبطة بحقيقة العمل التنفيذي في جميع مؤسساته التي انشاءها لتعاونه في ادارة العمل القومي الاجتماعي. وطيلة حياته كان يرتكز على المؤسسة التنفيذية في العمل القومي ويعطيها كامل الصلاحيات للعمل ولم يحدها او يلجمها او يتدخل في شؤونها الا في التوجيه للارتقاء بالعمل وتنفيذ المهام الموكلة اليها منعا من الانحراف والتفلت, بينما ربط المؤسسات التشريعية وذات الصفات القضائية الممتازة من نقض ورد النقض به مباشرة وجعلها في حالة الانتخاب بالانتقاء لتؤمن تغطية غيابه وليس لتحل محله في حياته ثم احال اليها مسؤولية الاختصاص والاستقلال في الاختصاص والفصل بين السلطات بعد استشهاده. وهذا ما سوف نبينه بالتفصيل في عملية شرح مفهوم "المؤسسات في الدولة القومية الاجتماعية-الحزب السوري القومي الاجتماعي".
ان سعادة كمفكر وفيلسوف وباحث في علم الاجتماع , يتعارض مع كل المفاهيم السائدة حول معنى المصلحة ومفهومها حيث كان الشائع في المجتمع بان المصالح هي كل عمل يؤمن رغبة الافراد ويحقق لهم مصالحهم دون الاخذ بعين الاعتبار مصلحة الامة والمجتمع ولهذا قرر سعادة البحث معمقا في مفهوم المصلحة حتى وصل الى هذا الرقي في النقد والنقض و في التعريف والخلوص الى مفهوم "ال نحن" في المصلحة القريبة والمصالح القومية العليا وبهذا يقول:
" أدّى استعمال الأمثال في الكلام على المجتمع إلى شيء كثير من الهذر، كذلك أدّى الكلام غير المنقود إلى إساءة فهم وإساءة استعمال المقصود من المصلحة والإرادة. وتجنّباً للوقوع في فوضى الاصطلاحات الّتي عمّمتها لغة الجرائد في قطرنا تعميماً فاضحاً يجعل كلّ دراسة جدّية لوضع الأشياء في مواضعها عملاً شاقاً، رأيت أن أعرض هنا للمحة من المصالح الاجتماعيّة الّتي يمكننا أن نسميها مصالح المتّحد، أو مصالح لها خصائص ربط النّاس في متّحد. 20
من هنا بات عمل كل فرد مرتبط بمصلحة الامة ويقيس مصلحته على هذا الاساس واذا ما تعارضت المصالح القريبة للأفراد ومصلحة الامة تخلى عن مصلحته في سبيل مصلحة الامة وهذا اعظم ايمان زرعته القومية الاجتماعية في وجدان و نفوس المؤمنين بها والعاملين من اجل القضية القومية الاجتماعية السورية وتخطى القوميون الاجتماعيون بهذا المفهوم كل المفاهيم الاخرى وباتت جزء من حياتهم تضمّنها حتى النشيد الرسمي للدولة السورية القومية الاجتماعية التي اعلنها سعادة في خطابه المنهاجي الاول سنة 1935 في التعبير عن التضحية في سبيل الامة بشكل واضح وصريح و بكل عزيمة وارادة صادقة اطلقت شعار حياة و بقاء الامة وخلودها:
"سورية لك السلام ..... سورية نحن الفدى"
"يا نفوس قد تسامت..... فوق اماد المنون"
"امة نحن يقينا ...... وحياة لن تزول"
اذا, بعد هذه الايجاز في تعريف المصالح ومفهومها وفق منهاج القومية الاجتماعية وصاحب مدرستها ننتقل الى تحديد المصالح وهويتها وحقيقتها.
وفق مفهوم القومية الاجتماعية بات واضحا بان المصالح صنفان:
صنف يرتبط بتحقيق حياة الافراد وتأمين رغباتهم وحاجاتهم و حياتهم:
"إنّ المصالح، مبدئياً، صنفان يجب إلا يصير بينهما خلط وتداخل كما يحدث عادةً في تعميم المصطلحات الفنيّة. فهنالك المصالح المتشابهة أو الشّكليّة التي هي لكلّ فرد مثلما هي لكلّ فرد آخر، كتحصيل المعاش أو ربح الصّيت أو جمع الثّروة، أو أيّ مصلحة أخرى شخصيّة خاصّة. فهذه المصالح هي شكليّة أو متشابهة ولكنّها لا تقتضي اتّحاد من يريدونها أو إيجاد علاقة اجتماعيّة ثابتة فيما بينهم." 21
وصنف مرتبط ارتباط كلي بمفهوم الامة والمجتمع والدولة الناشئة فيها وبمصالحها العامة او المشتركة:
" وهنالك المصلحة العامّة أو المشتركة الّتي يجمع عدد من النّاس على الاشتراك في تحقيقها لأنّها تشمل الكلّ، كمصلحة خير القرية أو المدينة أو القطر. 22
اذا المصلحة العامة او المصلحة العليا هي ليست حالة عبثية يطرحها الفكر السوري القومي الاجتماعي في عملية الاصلاح الاجتماعي في حركته الاصلاحية من خلال نظرته الجديدة للحياة, بل يعتبر بان المصلحة هي عصب الوجود الاجتماعي والعامل الاساس في الوحدة النفسية لهذا الوجود, والتي عليها ترتكز العصبية والقومية من اساسها. وهو مفهوم الوحدة الاجتماعية والمصالح القومية العليا التي نص فيها مبدأ اساسي من مبادئه الا وهو :مصلحة سورية فوق كل مصلحة وسعادة يقول في هذا المفهوم: "حيثما وجد متّحد كانت مصلحة حياة كلّ فرد من أفراده، مصلحة حياته العامّة، أولى مصالحه. إنّ مصالح الحياة هي مصالح كلّ متّحد ولكن ليست مصالح أي متحد مصالح كل متحد، لأنّ مصالح المتّحد ليست بيولوجيّةً فقط، بل هي مصالح نفسيّة (عقليّة) ومصالح حيويّة نوعيّة أيضاً. 23
ولما كانت النظرة الجديدة للحياة تسعى لإقامة نظام جديد , اذا, هي نظرة الى المجتمع من باب واسع , من باب اقامة الدولة ومؤسساتها الضامنة لقيامتها في عملية تأمين الحياة الاجتماعية وتكافؤ الفرص من ناحية, ولضمان اعادة سيادة الامة على نفسها وصيانة هذه السيادة وحماية استقلالها والحفاظ على ثرواتها من ناحية ثانية وتأمينها لما فيه مصلحة الامة والوطن وبالتالي مصلحة جميع ابناء الامة بالتساوي على اساس الانتماء وارادة الانتماء والاعتراف بحق هذا الانتماء وهويته وقضيته واستقلاليتها.
وكل عمل او عامل يقوم به او يسببه أي فرد اكان سوري او خارجي ينكر هذا الحق ويعلن فيه موقفا ضد هذه المفهوم اعلنه سعادة في شرح المبدأ الاساسي الاول لمبادئ العقيدة القومية الاجتماعية بانه " خائن باسم ملايين السوريين التائقين للحرية" (راجع نص شرح المبدأ الاساسي الاول بقلم الزعيم-كتيب المبادئ)
وهنا سعادة يعتبر بان المصالح لا يمكن ان تتعدد او تتشكل او تصبح حاجة ملحة الا في الامم الراقية والمتقدمة لان المجتمعات البدائية مصالحها محدودة وحاجاتها محددة ومختصرة على متطلبات العيش من اجل البقاء بينما في الامم الراقية المصالح مرتبطة بحقيقة الحياة نفسها. لأنها تصبح معقدة وتحتاج للتنظيم والصيانة والدفاع وبهذا صاحب القومية الاجتماعية يقول: "الحقيقة أنّ المصالح لا تتعدّد وتتعيّن إلا في المجتمعات الرّاقية وفي هذه المجتمعات تتحدّد المصالح وتولّد جمعيّات معيّنةً. والمصالح وجمعيّاتها تتميّز وتتنوّع بحيث تجعل وحدتها أتمّ وأوضح. في المتّحد الرّاقي نجد المصالح جميعها تتنوّع وتتعيّن بتنوّعها، وتؤدّي إلى إنشاء جمعيات من كلّ نوع منها، تجمع كلّ جمعيّة الأفراد العاملين لمصلحتها". 24
وبناء على هذا المفهوم ولضمان قيامة الدولة العادلة التي من شأنها ان تحقق المصالح القومية للامة والمجتمع, وبعد التمييز ما بين المصالح العامة والمصالح القومية العليا والتي ترتبط ارتباطاً مباشراً بمفهوم الامة والسيادة والتي يميزها عن المصالح العامة, بان هذه الاخيرة نجدها في المتحد الاجتماعي مباشرة بصفته اصغر وحدة تفاعل بينما الاولى نجدها على مساحة الامة بصفتها الشخصية العامة التي ينتمى اليها المتحد بكل مكوناته, واعتبر سعادة بان المصالح تنقسم الى ثلاث انواع 25:
النوع الاول :"يشمل المصالح الحيوية والنفسية (العقلية)" وهي مصالح الافراد مباشرة وما تختلج في نفوسهم من حاجات ومأكل وملبس واحلام ومعتقدات وعلوم ومعارف الخ وهي قسمين :
الحيوية وفيها:
- "الجنسية" وجمعياتها العائلة واشكالها
- واللاجنسية وفيها : وهي ما تعلّق بالغذاء واللّباس والمدرأ وتؤدّي إلى إنشاء الجمعيّات الزّراعيّة والصّناعيّة والتّجاريّة وجمعيّات الصّحة والطّبّ والجراحة.
النفسية (العقلية) وفيها:
- أوّلاً: المنطقيّة من علميّة وفلسفيّة ودينيّة وتهذيبيّة، وتتّحد في الجمعيّات العلميّة والفلسفيّة والدّينيّة.
- ثانياً: الفنّيّة. وتتناول جمعيّات الرّسم والدّهان والموسيقى والتّمثيل والأدب.
- ثالثاً: المصالح الخصوصيّة، مصالح السّلطة والجاه. والعاملون لها ينشئون الأندية الخاصّة والجمعيّات العسكريّة والقوميّة.
النوع الثاني المصالح الاقتصاديّة البحتة هي تتناول الجمعيّات الماليّة والتّجاريّة الكبرى والمصارف والشّركات المتّحدة الخ
النوع الثالث وهو ارقى المراتب الا وهي : المصالح السياسيّة وأكبر جمعيّاتها، الدّولة، تشمل جميع مصالح المتّحد الأتمّ الّذي هو الأمّة ويتفرّع من الدّولة جمعيات أخرى أصغر منها تختصّ بالمتّحدات الّتي هي أصغر من الأمّة هي الحكومات المحليّة للمناطق والمدن. وبعد الدّولة نجد الأحزاب السّياسيّة الّتي هي جمعيات تختصّ بمصالح الفئات. ثمّ تأتي الجمعيّات السّياسيّة للقيام على مصالح معيّنة. ثمّ الجمعيّات القانونيّة والقضائيّة وغيرها. 26
كما يضيف سعادة بان هنالك مصالح ذات طابع اجتماعي تعمل على توعية الافراد والارتقاء بهم من خلال وحدات التفاعل والتواصل والترفيه ويسميها ب" المصالح الاجتماعيّة العموميّة" ويصنف فيها "جمعيّات التّعارف والصّحبة وأندية السّمر والتّسلية البريئة أو المفيدة " .27
وكلما ارتقى المجتمع وتقدم وتطور واصبح اكثر تعقيدا, كلما زادت مصالحه تعقيداً وباتت اكثر حيوية واكثر حاجة للتنظيم والعمل والاجتهاد ومواكبة هذا التطور والنمو والتقدم. واي مجتمع يتخلف عن ركب التطور والتقدم ويكتفي بحاجاته الاولية سيترهل, ويتراجع حتما, وسيصاب بالتخلف والانحطاط لان ارادة الحياة والارتقاء مرتبطة بالصراع والتقدم. وكما يوجز صاحب القومية الاجتماعية "ان حق الصراع حق التقدم"
وفي مفهوم القومية الاجتماعية لهذه الحيوية نوجز من سعادة: " وكلّما ارتقى المتّحد في ثقافتيه الماديّة والعقليّة ازدادت المصالح المعيّنة الّتي من شأنها ترقية الحياة الجيّدة وتجميلها " .28
اذا مما سبق نستخلص بان مصالح المتحد مرتبطة بالأفراد وحاجاتهم مباشرة, اما مصلحة الامة فهي مرتبطة بحياة المتحد واساس وجوده من اساسه أي حياة الانسان والاجتماع البشري التام في "المتحد الاتم" 29 الا وهو الامة.
والامة في مفهومها تشمل كل مناحي الحياة الانسانية على اساس المصالح الموحدة ووحدة الحياة ووحدة المصير التي تكسبها قوتها ومناعتها وحقيقتها وقوة وجودها وسعادة يعرف بانها:
الأمّة جماعة من البشر تحيا حياةً موحّدة المصالح، موحّدة المصير، موحّدة العوامل النّفسيّة ــــ الماديّة في قطر معيّن يكسبها تفاعلها معه، في مجرى التّطوّر، خصائص ومزايا تميّزها عن غيرها من الجماعات. 30
اذا الامة هي المتحد الاتم الذي تنشأ فيه المجتمع والدولة ومؤسساتها ومصالحها.
ولهذا القومية الاجتماعية تميز ما بين المجتمع والامة كما تمييز ما بين الامة والدولة وما بين الوطن والدولة. وتعتبر وجود الامة اساس لوجود كل ما يليها واساس وجود الامة هو الاجتماع البشري بحد ذاته, واساس الاجتماع البشري ووجوده هو وجود الارض التي تكفل له هذا الوجود كجماعة, ووجود الجماعة مرتبط ارتباط عضوي بالبيئة التي ينشأ فيها و تكفل وجود حياته كانسان وتؤمن له متطلبات هذه الوجود. وهذه البيئة مرتبطة بوجود الارض وبالتالي وجود الجماعة وتاريخها وثقافتها ونتاجها واشتراكها الفعلي في الحياة الانسانية وصناعتها أي تاريخها الفعلي.
وسعادة يبين في هذا الاجماع الايجاز العلمي الفريد من نوعه وهو ما لم ينحته قبله احد لا من علماء اجتماع ولا فلاسفة وبات مفهوم مدرسة علمية قائم بحد ذاته : "لا بشر حيث لا ارض ولا جماعة حيث لا بيئة ولا تاريخ حيث لا جماعة" 31
اذا نوجز بهذا الباب:
ان المصالح القومية العليا هي لصيانة مصلحة الامة التي هي فوق كل مصلحة وكلما ارتقى المجتمع كلما ارتقى الافراد كلما باتت الامة فاعلة بين الامم.
وكلما ترهل المجتمع ترهل الافراد وبالتالي ترهلت الامة وتخلفت.
وهذا عينه ينطبق على الاحزاب والجمعيات والدول اكانت كيانات اعتبارية اجتماعية او سياسية او شخصيات اعتبارية اجتماعية او سياسية, فحيث الفوضى والميعان والانحراف تجد حتما الترهل والتخلف والسقوط الغير مأسوف عليه.
ونحن كسوريين قوميين اجتماعيين نؤمن باننا طريق ارتقاء هذه الامة وسبيلها نحو استعادة سيادتها على نفسها.
فكلما عملنا بمبادئنا ومفاهيمنا القومية الاجتماعية وطبقناها كما اراد صاحب الدعوة اليها كلما سارعنا نحو تحقيق الغاية والهدف.
وكلما حققنا مصالحنا القومية العليا وكلما ثبتت ارادتنا واشتدت عزيمتنا لصون حياتنا وتحقيق اهدافنا لشق الطريق فعليا لتحي سورية التي مصلحتها فوق كل مصالحنا الفردية والقريبة.
ان المصلحة القومية العليا التي تحتاج ارادتنا التامة وهذا صاحب القومية الاجتماعية يقول جازما: "نحن نريد مصالحنا لأنّنا نريد حياتنا والإرادة على قدر المصلحة، وكلّما كانت المصلحة أساسيّةً دائمةً كانت الإرادة كذلك." 32
فهل نعجز عن تحقيق مصالحنا؟
الجواب : نعم ... اذا اضعفنا ارادتنا وشتتنا قوانا
الجواب: لا ... اذا ما نفذنا ما تعاقدنا به وتعاهدنا عليه ولم نحنث بعهد اليمين ومبدأ التعاقد
وهذا ما سوف نبحثه في الباب الثاني فيما سيأتي.
واسلموا للعلم والمعرفة
لتحي سورية وليحي سعادة
الرفيق هاشم حسين
باحث في علم الاجتماع وفق منهاج القومية الاجتماعية
كوتونو بنين 12/10/2019
الاسناد ومصادر البحث والمرفقات
18-انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص142
19- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص142
20- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص142
21- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص142
22- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص143
23- أنطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص143
24- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص143
25- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص144
26- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص145
27- نفس المصدر السابق
28- نفس المصدر السابق
29- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف الامة ص165
30-انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف الامة ص165
31-أنطون سعادة – نشوء الامم – الفصل الثالث– الأرض وجغرافيتها ص 48
32-انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص146
حضرة الرفيق المحترم
تحية سورية قومية اجتماعية
هذا البحث يحتوي على ثلاثة فصول
الفصل الاول : تعريف المؤسسات
فقرة ثالثة: تعريف المصالح ومفهومها (وفيها مفهوم المصالح في الحزب السوري القومي الاجتماعي عند سعادة).
لإعطاء هذه الفقرة حقها سوف يتم تقديمها على بابين منفصلين:
- الباب الاول: سيتحدث عن المصلحة وتعريفها وعلاقتها بالمتحد و المجتمع والامة والدولة ودور القومية الاجتماعية في خلق المفهوم الجديد للمصلحة.
- والباب الثاني: سيتحدث عن المصلحة وعلاقتها بالمؤسسات و بالمفهوم القومي الاجتماعي وعلاقتها بالأمة والمؤسسات والمجتمع ودور الحزب السوري القومي الاجتماعي بنشوء مفهوم المصالح القومية العليا وعقلية الدولة السورية القومية الاجتماعية.
في الباب الاول:
سيتحدث عن المصلحة وتعريفها وعلاقتها بالمتحد و المجتمع والامة والدولة ودور القومية الاجتماعية في خلق المفهوم الجديد للمصلحة .
توطئة:
قد يسأل سائل ما علاقة كل هذا البحث في السؤال المطروح والمتعلق ب(دراسة تحليلية في المجلس القومي وعضويته ورتبة الامانة: أسسها، أهدافها وآليات العمل بها وكيفية التعاطي مع هاتين الوظيفتين حالياً)؟
نجيب: ان فهم العقيدة القومية الاجتماعية وفهم مدرستها السورية القومية الاجتماعية وطرحها في مفهوم قيامة الدولة ونشوئها وقيامة المؤسسات ونشوئها وقيامة الوظائف والرتب فيها ونشوء الصلاحيات والاختصاص لهو شرط اساسي لفهم انطون سعادة, لفهم نظرته الجديدة للحياة وللسياسة اولا, وللامة ومفهوم الدولة العادلة قبل أي شيء.
وما لم يتحقق هذا الفهم , عبث هو عملنا, ومضيعة للوقت, وهدر للطاقات, وتهجير للإمكانيات, وتدمير للقضية القومية, فيصبح عملنا اشتغال في السياسة مجردة وتحويل كل ما هو سوري قومي اجتماعي الى مصلحة قريبة تخدم اصحاب النفوس المريضة وطالبي السلطة, واصحاب رؤوس الاموال والمتنفذين اكان في الحزب او في الدولة القومية الاجتماعية المتمثلة بالحزب السوري القومي الاجتماعي المعبر عن دولة الامة وصورتها مصغرة.
وانطلاقا من هذه التوطئة للباب الاول اعلاه
اسئلة تطرح نفسها:
ما هو تعريف المصالح؟
ما هو مفهوم المصلحة؟
ما هو الفرق ما بين المصلحة القريبة والمصلحة العليا؟
ماذا تعني المصالح القومية العليا وما هو مفهومها؟
ماذا نعني ب:
1- مصالح الشعب؟
2- مصلحة الدولة والوطن والمجتمع؟
3- مصلحة الامة؟
ما هو الفرق بين مصلحة الدولة ومصلحة المجتمع؟
ما هو الفرق ما بين مصالح الشعب ومصلحة الامة؟
ما هي العلاقة بين الدولة والوطن وما بين المجتمع والامة وما هو دور الشعب (اي الافراد) في هذه العلاقة؟
ماذا اراد سعادة من انشاء المصالح ولماذا اطّرها في مؤسسات حكمية وسن لها قسم المسؤولية وما الغاية من هذه المؤسسات وما الغاية من قسم المسؤولية؟
ما هو دور الحزب السوري القومي الاجتماعي في خلق المفاهيم لكل ما ورد علاه وما هو مفهوم القومية الاجتماعية لها؟
ما هو دور مؤسسات الحزب السوري القومي الاجتماعي وظائفها ورتبها الناتجة عنها في هذه المصالح؟
وللإجابة على هذه التساؤلات والاستفاضة فيها علينا اولا ان نجيب على هذا السؤال ما هو مفهوم المصلحة و ما هو معناها؟:
وفقا للعلوم الاجتماعية في تفسيرها للمصلحة : هي مجموعة الحاجات التي تلبي رغبات الفرد وتحقق له اهدافه وتشبع له رغباته وتؤمن له شروط الاكتفاء والاستغناء وتسمى المصلحة القريبة.
فمثلا الجنس هو مصلحة لا يمكن اشباعها الا بتأمين حاجاتها من خلال الزواج او اقامة العلاقات مع الجنس الاخر للإشباع واطفائها هذه الحاجة الغريزية.
وكذلك الجوع والعطش والعمل والاطمئنان والدفء, فهي كلها حاجات فردية تؤمن الاكتفاء للفرد وتشعره بتحقيق حاجاته الاولية وهذا ما يعرف علميا باسم : المصلحة القريبة.
ولكن هل حياة الانسان هي حياة مستقلة وقائمة بحد ذاتها ام هي حياة جماعية تفرض الاطمئنان الاجتماعي والاكتفاء الجماعي وتأمين صيرورة الحياة الانسانية من خلال تأمين متطلبات البشر كجماعة و بشكل جماعي وليس كأفراد ؟
اذا هذه هو سر وجود مفهوم المصلحة العليا في الحياة الاجتماعية التي تؤمن حياة الجماعة ككل وتؤمن الاكتفاء الاجتماعي لجميع مكونا المجتمع أي جميع افراد الجماعة بشكل متساويٍ.
فكلما توسعنا في عملية البحث عن المصلحة الجماعية للبحث عن راحة الجماعة ومتطلباتها كلما بحثنا عن روح الجماعة المتمثلة بإرادتها في الحياة وارادة الصراع فيها لتحقيق قيمها, ومصالحا. ولتأمين سيادتها ولصيانة مجتمعها. ولتمتين اواصر الوحدة النفسية فيه التي تشكل أحد اهم عوامل التقدم و الارتقاء, وبالتالي التطور والنمو والاشتراك الفعلي في الحياة الانسانية بجميع نواحي الحياة على الاطلاق.
ان كانت المصلحة هي الجانب الايجابي في الحياة للبحث عن تحقيق الاشباع فيها, فان الارادة هي الجانب السلبي الذي يؤمن طواعية الارادة ويوّلد الوحدة النفسية لتحقيق الاشباع وتأمين الحاجات باختصار يمكننا القول هو: روح الجماعة والعمل المنظم.
أي انه ومن جانب اخر في المفهوم القومي الاجتماعي للإشباع وتأمين الطمأنينة : شرط اساسي لتحقيق المصالح العليا وجود الارادة والعزيمة الصادقة (راجع نص القسم والتعاقد مع صاحب الفكر السوري القومي الاجتماعي) الذي هو شرط هذا الانتماء للجماعة وللانتظام في الاعمال المنظمة.
هذا هو مفهوم المصلحة من منظار القومية الاجتماعية, وليس اي شيء اخر.
حيث يؤكد سعادة جازماً بان: "التّوسّع في معنى المصلحة يشمل كلّ ما تنطوي عليه النّفس الإنسانيّة في علاقاتها وبهذا المعنى نتكلّم عن المصلحة الاجتماعيّة. وإذا كانت المصلحة والإرادة هما قطبا المجتمع فواحدها سلبيّ وهو المصلحة والآخر إيجابي وهو الإرادة، فالمصلحة هي الّتي تقرّر العلاقات جميعها والإرادة هي الّتي تحقّقها. وبديهيّ أنّه لا إرادة حيث لا مصلحة، فحين يجوع الإنسان يريد أن يأكل وحين يعطش يريد أن يشرب وحين يشتاق يريد أن يحبّ. فالمصلحة هي طلب حصول ارتياح النفس. وتحقيق ارتياح النّفس هو غرض الإرادة." .18
اذا, المصلحة في المفهوم القومي الاجتماعي مرتبطة بالوعي العام كما هي مرتبطة بتحقيق تأمين راحة هذا الوعي في المتحد عموما وفي الجماعة عامة اكانت هذه الجماعة تتشكل في (مؤسسة او جمعية او حزب او غير ذلك ) من خلال تأمين حاجاته ومتطلباته على اساس "العدلين الحقوقي والاقتصادي". وليس على اساس المنفعة الشخصية, والمحسوبية والمحاصصة والاستزالم والتفردن والسيطرة الفوضوية واقصاء الخبرات والقدرات, وتعميم الفائدة الفردية والمصالح القريبة وشراء الذمم.
وبهذا يحسم سعادة الجدل ومن مفهوم علمي محض: " وهكذا نرى أنّ المصلحة غير المنفعة أو الفائدة، وليست هي دائماً وليدة الشّعور بالحاجة ولا هي والحاجة شيئاً واحداً. إنّنا نعني بالمصلحة في هذا البحث كلّ ما يولّد أو يسبّب عملاً اجتماعيّا وبناءً على هذا التّعريف يمكننا أن نقول إنّ رابطة المتّحد هي رابطه المصلحة، فالمصلحة وراء كلّ متّحد. وكلّما نمت الحياة وازدادت ازدادت المصالح الّتي تولّد الاجتماع وقلّت المصالح المفرّقة. 19
اذا سعادة ربط المصلحة بحقيقة المتحد وبإرادة المتحد وبعملية الارتقاء فيه. ويعود السبب لهذا الربط لان المصالح في فكر سعادة هي شؤون تنفيذية تطبيقية تحتاج للإجهاد الفيزيائي والتطبيق العملي. وهي منظومة العمل في كيفية ادارة المتحدات من خلال مفهوم المؤسسات لتحقيق الحياة ووحدة الحياة فيها. ومن هنا جعل سعادة المصالح مرتبطة بحقيقة العمل التنفيذي في جميع مؤسساته التي انشاءها لتعاونه في ادارة العمل القومي الاجتماعي. وطيلة حياته كان يرتكز على المؤسسة التنفيذية في العمل القومي ويعطيها كامل الصلاحيات للعمل ولم يحدها او يلجمها او يتدخل في شؤونها الا في التوجيه للارتقاء بالعمل وتنفيذ المهام الموكلة اليها منعا من الانحراف والتفلت, بينما ربط المؤسسات التشريعية وذات الصفات القضائية الممتازة من نقض ورد النقض به مباشرة وجعلها في حالة الانتخاب بالانتقاء لتؤمن تغطية غيابه وليس لتحل محله في حياته ثم احال اليها مسؤولية الاختصاص والاستقلال في الاختصاص والفصل بين السلطات بعد استشهاده. وهذا ما سوف نبينه بالتفصيل في عملية شرح مفهوم "المؤسسات في الدولة القومية الاجتماعية-الحزب السوري القومي الاجتماعي".
ان سعادة كمفكر وفيلسوف وباحث في علم الاجتماع , يتعارض مع كل المفاهيم السائدة حول معنى المصلحة ومفهومها حيث كان الشائع في المجتمع بان المصالح هي كل عمل يؤمن رغبة الافراد ويحقق لهم مصالحهم دون الاخذ بعين الاعتبار مصلحة الامة والمجتمع ولهذا قرر سعادة البحث معمقا في مفهوم المصلحة حتى وصل الى هذا الرقي في النقد والنقض و في التعريف والخلوص الى مفهوم "ال نحن" في المصلحة القريبة والمصالح القومية العليا وبهذا يقول:
" أدّى استعمال الأمثال في الكلام على المجتمع إلى شيء كثير من الهذر، كذلك أدّى الكلام غير المنقود إلى إساءة فهم وإساءة استعمال المقصود من المصلحة والإرادة. وتجنّباً للوقوع في فوضى الاصطلاحات الّتي عمّمتها لغة الجرائد في قطرنا تعميماً فاضحاً يجعل كلّ دراسة جدّية لوضع الأشياء في مواضعها عملاً شاقاً، رأيت أن أعرض هنا للمحة من المصالح الاجتماعيّة الّتي يمكننا أن نسميها مصالح المتّحد، أو مصالح لها خصائص ربط النّاس في متّحد. 20
من هنا بات عمل كل فرد مرتبط بمصلحة الامة ويقيس مصلحته على هذا الاساس واذا ما تعارضت المصالح القريبة للأفراد ومصلحة الامة تخلى عن مصلحته في سبيل مصلحة الامة وهذا اعظم ايمان زرعته القومية الاجتماعية في وجدان و نفوس المؤمنين بها والعاملين من اجل القضية القومية الاجتماعية السورية وتخطى القوميون الاجتماعيون بهذا المفهوم كل المفاهيم الاخرى وباتت جزء من حياتهم تضمّنها حتى النشيد الرسمي للدولة السورية القومية الاجتماعية التي اعلنها سعادة في خطابه المنهاجي الاول سنة 1935 في التعبير عن التضحية في سبيل الامة بشكل واضح وصريح و بكل عزيمة وارادة صادقة اطلقت شعار حياة و بقاء الامة وخلودها:
"سورية لك السلام ..... سورية نحن الفدى"
"يا نفوس قد تسامت..... فوق اماد المنون"
"امة نحن يقينا ...... وحياة لن تزول"
اذا, بعد هذه الايجاز في تعريف المصالح ومفهومها وفق منهاج القومية الاجتماعية وصاحب مدرستها ننتقل الى تحديد المصالح وهويتها وحقيقتها.
وفق مفهوم القومية الاجتماعية بات واضحا بان المصالح صنفان:
صنف يرتبط بتحقيق حياة الافراد وتأمين رغباتهم وحاجاتهم و حياتهم:
"إنّ المصالح، مبدئياً، صنفان يجب إلا يصير بينهما خلط وتداخل كما يحدث عادةً في تعميم المصطلحات الفنيّة. فهنالك المصالح المتشابهة أو الشّكليّة التي هي لكلّ فرد مثلما هي لكلّ فرد آخر، كتحصيل المعاش أو ربح الصّيت أو جمع الثّروة، أو أيّ مصلحة أخرى شخصيّة خاصّة. فهذه المصالح هي شكليّة أو متشابهة ولكنّها لا تقتضي اتّحاد من يريدونها أو إيجاد علاقة اجتماعيّة ثابتة فيما بينهم." 21
وصنف مرتبط ارتباط كلي بمفهوم الامة والمجتمع والدولة الناشئة فيها وبمصالحها العامة او المشتركة:
" وهنالك المصلحة العامّة أو المشتركة الّتي يجمع عدد من النّاس على الاشتراك في تحقيقها لأنّها تشمل الكلّ، كمصلحة خير القرية أو المدينة أو القطر. 22
اذا المصلحة العامة او المصلحة العليا هي ليست حالة عبثية يطرحها الفكر السوري القومي الاجتماعي في عملية الاصلاح الاجتماعي في حركته الاصلاحية من خلال نظرته الجديدة للحياة, بل يعتبر بان المصلحة هي عصب الوجود الاجتماعي والعامل الاساس في الوحدة النفسية لهذا الوجود, والتي عليها ترتكز العصبية والقومية من اساسها. وهو مفهوم الوحدة الاجتماعية والمصالح القومية العليا التي نص فيها مبدأ اساسي من مبادئه الا وهو :مصلحة سورية فوق كل مصلحة وسعادة يقول في هذا المفهوم: "حيثما وجد متّحد كانت مصلحة حياة كلّ فرد من أفراده، مصلحة حياته العامّة، أولى مصالحه. إنّ مصالح الحياة هي مصالح كلّ متّحد ولكن ليست مصالح أي متحد مصالح كل متحد، لأنّ مصالح المتّحد ليست بيولوجيّةً فقط، بل هي مصالح نفسيّة (عقليّة) ومصالح حيويّة نوعيّة أيضاً. 23
ولما كانت النظرة الجديدة للحياة تسعى لإقامة نظام جديد , اذا, هي نظرة الى المجتمع من باب واسع , من باب اقامة الدولة ومؤسساتها الضامنة لقيامتها في عملية تأمين الحياة الاجتماعية وتكافؤ الفرص من ناحية, ولضمان اعادة سيادة الامة على نفسها وصيانة هذه السيادة وحماية استقلالها والحفاظ على ثرواتها من ناحية ثانية وتأمينها لما فيه مصلحة الامة والوطن وبالتالي مصلحة جميع ابناء الامة بالتساوي على اساس الانتماء وارادة الانتماء والاعتراف بحق هذا الانتماء وهويته وقضيته واستقلاليتها.
وكل عمل او عامل يقوم به او يسببه أي فرد اكان سوري او خارجي ينكر هذا الحق ويعلن فيه موقفا ضد هذه المفهوم اعلنه سعادة في شرح المبدأ الاساسي الاول لمبادئ العقيدة القومية الاجتماعية بانه " خائن باسم ملايين السوريين التائقين للحرية" (راجع نص شرح المبدأ الاساسي الاول بقلم الزعيم-كتيب المبادئ)
وهنا سعادة يعتبر بان المصالح لا يمكن ان تتعدد او تتشكل او تصبح حاجة ملحة الا في الامم الراقية والمتقدمة لان المجتمعات البدائية مصالحها محدودة وحاجاتها محددة ومختصرة على متطلبات العيش من اجل البقاء بينما في الامم الراقية المصالح مرتبطة بحقيقة الحياة نفسها. لأنها تصبح معقدة وتحتاج للتنظيم والصيانة والدفاع وبهذا صاحب القومية الاجتماعية يقول: "الحقيقة أنّ المصالح لا تتعدّد وتتعيّن إلا في المجتمعات الرّاقية وفي هذه المجتمعات تتحدّد المصالح وتولّد جمعيّات معيّنةً. والمصالح وجمعيّاتها تتميّز وتتنوّع بحيث تجعل وحدتها أتمّ وأوضح. في المتّحد الرّاقي نجد المصالح جميعها تتنوّع وتتعيّن بتنوّعها، وتؤدّي إلى إنشاء جمعيات من كلّ نوع منها، تجمع كلّ جمعيّة الأفراد العاملين لمصلحتها". 24
وبناء على هذا المفهوم ولضمان قيامة الدولة العادلة التي من شأنها ان تحقق المصالح القومية للامة والمجتمع, وبعد التمييز ما بين المصالح العامة والمصالح القومية العليا والتي ترتبط ارتباطاً مباشراً بمفهوم الامة والسيادة والتي يميزها عن المصالح العامة, بان هذه الاخيرة نجدها في المتحد الاجتماعي مباشرة بصفته اصغر وحدة تفاعل بينما الاولى نجدها على مساحة الامة بصفتها الشخصية العامة التي ينتمى اليها المتحد بكل مكوناته, واعتبر سعادة بان المصالح تنقسم الى ثلاث انواع 25:
النوع الاول :"يشمل المصالح الحيوية والنفسية (العقلية)" وهي مصالح الافراد مباشرة وما تختلج في نفوسهم من حاجات ومأكل وملبس واحلام ومعتقدات وعلوم ومعارف الخ وهي قسمين :
الحيوية وفيها:
- "الجنسية" وجمعياتها العائلة واشكالها
- واللاجنسية وفيها : وهي ما تعلّق بالغذاء واللّباس والمدرأ وتؤدّي إلى إنشاء الجمعيّات الزّراعيّة والصّناعيّة والتّجاريّة وجمعيّات الصّحة والطّبّ والجراحة.
النفسية (العقلية) وفيها:
- أوّلاً: المنطقيّة من علميّة وفلسفيّة ودينيّة وتهذيبيّة، وتتّحد في الجمعيّات العلميّة والفلسفيّة والدّينيّة.
- ثانياً: الفنّيّة. وتتناول جمعيّات الرّسم والدّهان والموسيقى والتّمثيل والأدب.
- ثالثاً: المصالح الخصوصيّة، مصالح السّلطة والجاه. والعاملون لها ينشئون الأندية الخاصّة والجمعيّات العسكريّة والقوميّة.
النوع الثاني المصالح الاقتصاديّة البحتة هي تتناول الجمعيّات الماليّة والتّجاريّة الكبرى والمصارف والشّركات المتّحدة الخ
النوع الثالث وهو ارقى المراتب الا وهي : المصالح السياسيّة وأكبر جمعيّاتها، الدّولة، تشمل جميع مصالح المتّحد الأتمّ الّذي هو الأمّة ويتفرّع من الدّولة جمعيات أخرى أصغر منها تختصّ بالمتّحدات الّتي هي أصغر من الأمّة هي الحكومات المحليّة للمناطق والمدن. وبعد الدّولة نجد الأحزاب السّياسيّة الّتي هي جمعيات تختصّ بمصالح الفئات. ثمّ تأتي الجمعيّات السّياسيّة للقيام على مصالح معيّنة. ثمّ الجمعيّات القانونيّة والقضائيّة وغيرها. 26
كما يضيف سعادة بان هنالك مصالح ذات طابع اجتماعي تعمل على توعية الافراد والارتقاء بهم من خلال وحدات التفاعل والتواصل والترفيه ويسميها ب" المصالح الاجتماعيّة العموميّة" ويصنف فيها "جمعيّات التّعارف والصّحبة وأندية السّمر والتّسلية البريئة أو المفيدة " .27
وكلما ارتقى المجتمع وتقدم وتطور واصبح اكثر تعقيدا, كلما زادت مصالحه تعقيداً وباتت اكثر حيوية واكثر حاجة للتنظيم والعمل والاجتهاد ومواكبة هذا التطور والنمو والتقدم. واي مجتمع يتخلف عن ركب التطور والتقدم ويكتفي بحاجاته الاولية سيترهل, ويتراجع حتما, وسيصاب بالتخلف والانحطاط لان ارادة الحياة والارتقاء مرتبطة بالصراع والتقدم. وكما يوجز صاحب القومية الاجتماعية "ان حق الصراع حق التقدم"
وفي مفهوم القومية الاجتماعية لهذه الحيوية نوجز من سعادة: " وكلّما ارتقى المتّحد في ثقافتيه الماديّة والعقليّة ازدادت المصالح المعيّنة الّتي من شأنها ترقية الحياة الجيّدة وتجميلها " .28
اذا مما سبق نستخلص بان مصالح المتحد مرتبطة بالأفراد وحاجاتهم مباشرة, اما مصلحة الامة فهي مرتبطة بحياة المتحد واساس وجوده من اساسه أي حياة الانسان والاجتماع البشري التام في "المتحد الاتم" 29 الا وهو الامة.
والامة في مفهومها تشمل كل مناحي الحياة الانسانية على اساس المصالح الموحدة ووحدة الحياة ووحدة المصير التي تكسبها قوتها ومناعتها وحقيقتها وقوة وجودها وسعادة يعرف بانها:
الأمّة جماعة من البشر تحيا حياةً موحّدة المصالح، موحّدة المصير، موحّدة العوامل النّفسيّة ــــ الماديّة في قطر معيّن يكسبها تفاعلها معه، في مجرى التّطوّر، خصائص ومزايا تميّزها عن غيرها من الجماعات. 30
اذا الامة هي المتحد الاتم الذي تنشأ فيه المجتمع والدولة ومؤسساتها ومصالحها.
ولهذا القومية الاجتماعية تميز ما بين المجتمع والامة كما تمييز ما بين الامة والدولة وما بين الوطن والدولة. وتعتبر وجود الامة اساس لوجود كل ما يليها واساس وجود الامة هو الاجتماع البشري بحد ذاته, واساس الاجتماع البشري ووجوده هو وجود الارض التي تكفل له هذا الوجود كجماعة, ووجود الجماعة مرتبط ارتباط عضوي بالبيئة التي ينشأ فيها و تكفل وجود حياته كانسان وتؤمن له متطلبات هذه الوجود. وهذه البيئة مرتبطة بوجود الارض وبالتالي وجود الجماعة وتاريخها وثقافتها ونتاجها واشتراكها الفعلي في الحياة الانسانية وصناعتها أي تاريخها الفعلي.
وسعادة يبين في هذا الاجماع الايجاز العلمي الفريد من نوعه وهو ما لم ينحته قبله احد لا من علماء اجتماع ولا فلاسفة وبات مفهوم مدرسة علمية قائم بحد ذاته : "لا بشر حيث لا ارض ولا جماعة حيث لا بيئة ولا تاريخ حيث لا جماعة" 31
اذا نوجز بهذا الباب:
ان المصالح القومية العليا هي لصيانة مصلحة الامة التي هي فوق كل مصلحة وكلما ارتقى المجتمع كلما ارتقى الافراد كلما باتت الامة فاعلة بين الامم.
وكلما ترهل المجتمع ترهل الافراد وبالتالي ترهلت الامة وتخلفت.
وهذا عينه ينطبق على الاحزاب والجمعيات والدول اكانت كيانات اعتبارية اجتماعية او سياسية او شخصيات اعتبارية اجتماعية او سياسية, فحيث الفوضى والميعان والانحراف تجد حتما الترهل والتخلف والسقوط الغير مأسوف عليه.
ونحن كسوريين قوميين اجتماعيين نؤمن باننا طريق ارتقاء هذه الامة وسبيلها نحو استعادة سيادتها على نفسها.
فكلما عملنا بمبادئنا ومفاهيمنا القومية الاجتماعية وطبقناها كما اراد صاحب الدعوة اليها كلما سارعنا نحو تحقيق الغاية والهدف.
وكلما حققنا مصالحنا القومية العليا وكلما ثبتت ارادتنا واشتدت عزيمتنا لصون حياتنا وتحقيق اهدافنا لشق الطريق فعليا لتحي سورية التي مصلحتها فوق كل مصالحنا الفردية والقريبة.
ان المصلحة القومية العليا التي تحتاج ارادتنا التامة وهذا صاحب القومية الاجتماعية يقول جازما: "نحن نريد مصالحنا لأنّنا نريد حياتنا والإرادة على قدر المصلحة، وكلّما كانت المصلحة أساسيّةً دائمةً كانت الإرادة كذلك." 32
فهل نعجز عن تحقيق مصالحنا؟
الجواب : نعم ... اذا اضعفنا ارادتنا وشتتنا قوانا
الجواب: لا ... اذا ما نفذنا ما تعاقدنا به وتعاهدنا عليه ولم نحنث بعهد اليمين ومبدأ التعاقد
وهذا ما سوف نبحثه في الباب الثاني فيما سيأتي.
واسلموا للعلم والمعرفة
لتحي سورية وليحي سعادة
الرفيق هاشم حسين
باحث في علم الاجتماع وفق منهاج القومية الاجتماعية
كوتونو بنين 12/10/2019
الاسناد ومصادر البحث والمرفقات
18-انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص142
19- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص142
20- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص142
21- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص142
22- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص143
23- أنطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص143
24- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص143
25- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص144
26- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص145
27- نفس المصدر السابق
28- نفس المصدر السابق
29- انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف الامة ص165
30-انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف الامة ص165
31-أنطون سعادة – نشوء الامم – الفصل الثالث– الأرض وجغرافيتها ص 48
32-انطون سعادة – نشوء الامم – الفصل السابع – الاثم الكنعاني-تعريف المتحد ص146
