Hiam Omar
ما هي عناصر الأمة ؟
يناقش سعاده مجموعة التعاريف التي تتناول فكرة الأمة لعدد من المفكرين الاجتماعيين: رينان – دور كهايم – ايوانوف – شبنقلر – غفن ايرن – هردر .
ويحلل ما يعتبرونه عناصر الأمة : مثل الأرض والأصل والعنصر السياسي واللغة ، والدين ، والثقافة ، والعادات ، والتقاليد ، والأدب ، وغيرها …
ويعتبر أن أول تحديد وضع لتعيين ماهية الأمة وإيجاد صورة ذهنية منطقية لها هو التحديد الذي أعلنه بسكال منتشيني سنة 1851 ، وهذا نصه : "الأمة هي مجتمع طبيعي من الناس ذو وحدة أرضية (جغرافية) وأصلية ووحدة عادات ، ولغة خاضع للاتحاد في الحياة والوجدان الاجتماعي"(18) .
أ.عنصر الأرض
يعتبر سعاده أن تقسيم الأرض إلى بيئات هو السبب المباشر لتوزع النوع البشري جماعات : فالبيئة كانت ولا تزال تحدد الجماعة ، لأن لكل بيئة جغرافيتها وخصائصها . وتحدد البيئة الجماعة من عدة وجوه : حدود الإقليم ، طبيعة الإقليم وشكل الإقليم(19) .
لكن مع إعطاء سعاده أهمية كبير للبيئة ، فهو يرفض مذهب الحتمية الجغرافية ، ويعتبر "أن الطبيعة والجغرافيا ، مع أنهما تميزان الجماعات تمييزاً واضحاً فإنهما فيما يختص بتاريخ الجماعة ، لا تقدمان الاضطراريات إلا نادراً ، وفي حالات استثنائية ، ولكنهما تقدمان الإمكانيات . إن التاريخ غير مكتوب في طبيعة الأرض"(20) .
ويقول : "إن الحدود الطبيعية ليست من التمام بحيث تفصل فصلاً تاماً بين أي قطر وكل قطر ، ولكن هذه الحدود تقلل الاتصال سواءاً كان سلمياً أم حربياً ، وتصعب التداخل والاختلاط الاجتماعيين مع الخارج بقدر ما تسهل اشتبـاك الجماعات فـي الداخل واتحادها"(21) .
وأعطي سعاده أهمية للبيئة أكثر من الحدود من حيث هي مركز الاجتماع والتكتل لتكون البيئة الاجتماعية ، والبيئة الجغرافية هي التي توجد الإمكانيات لنشوء المراكز العمرانية التي تتألب عليها قوات المجتمع ويحتشد فيها نتاجه الثقافي ، فتتكون البيئة الاجتماعية(22) .
أهمية البيئة الجغرافية إذن هو في كونها حيزاً لإنشاء المراكز العمرانية وفي تسهيلـها لإقامة العمران الواحد المتشابك والمترابط ضمنها .
ويرى سعاده أن "كل متحد له مراكز تجمع مشتركة تضاعف عوامل الحياة وظواهرها ، وتقل كثافة السكان كلما ابتعدت عنها ، فهي الكتل المغناطيسية التي تجذب ما حوله إليها"(23) .
ويعتبر أن هذا القول يصدق على سورية كما يدق على فرنسا وعلى أي بلاد أخرى . ولهذا السبب يقول سعاده "إن ترابط القرى والمدن والأوردة الزراعية في سورية الطبيعية كلها ، لا يسمح مطلقاً بالتفكير بتجزئة الأمة السورية إلى أمم ، والشعب السوري إلى شعوب"(24) . ويقول "لو كانت القاهرة واقعة بين القدس وقناة السويس ، وقرى مصر ومزارعها واقعة في شبه جزيرة سيناء وما حولها بحيث يكون هنالك عمران واحد في بيئة واحدة ، هي بيئة القطر السوري ، أكان في الإمكان حينئذٍ التكلم عن القطرين سورية ومصر"(25) .
انطلاقاً من هذا الفهم للبيئة الجغرافية ، والبيئة الاجتماعية القائمة ضمنها ، يؤكد سعاده على ترابط الأمة والوطن "فالأمة ليس لها كيان إلا في وطنها ، بل كثيراً ما يكون المحيط أو الوطن العامل الأساسي في إكساب الأمة صفة معلومة تميزها عن غيرها"(26) .
ب. عنصر الأصل
يعتبر سعاده أن الحقائق العلمية تؤكد أن الادعاء بنقاوة الأصل شرطاً للارتقاء العقلي هي نظرية فاسدة ، والحقيقة أنه ليس لأمة من الأمم أصل سلالي واحد . وكل أمة مؤلفة من مجموعات عنصرية متنوعة أي أنها مزيج من سلالات بشرية مختلفة(27) .
وفي شرحه للمبدأ الأساسي الرابع يقول : "إن مبدأ القومية السورية ليس مؤسساً على مبدأ الوحدة والسلالة ، بل على مبدأ الوحدة الاجتماعية الطبيعية لمزيج سلالي متجانس"(28) .
وفي خطاب ألقاه في النادي الفلسطيني في بيروت 1933 يقول : "إن الأمة التي تنشأ على الاخوة القومية الحقيقية ، المتولدة من الاشتراك الفعلي في الحياة الواحدة في الوطن الواحد ، أمة تستغني ، بالانتساب إلى حقيقتها ، عن الانتساب إلى أوهامها ، فالأوهام تزول ولا يبقى إلا الحقيقة . إننا أمة ليس لأننا نتحدر من أصل وحد ، بل لأننا نشترك في حياة واحدة"(29).
ويعتبر سعاده أن المزيج السوري هو عدة أصول ،.. وجودها وامتزاجها حقيقة علمية تاريخية لا جدال فيها . وهذه الأصول هي : الكنعانية – الكلدانية – الآشورية – الآمورية – الآرامية – الحثية ، والتي لم يزدها دخول العنصر العربي إلا وحدة وبروزاً(30) .
ويرى سعاده أن "الحياة جبلت هذه الأصول جبلة واحدة ، فاشتركت هذه الأصول في الحياة الجيدة والصعبة وعملت وأجابت على محرضات البيئة أعمالاً وإجابات مستمرة خلال أجيال وأدهار كونت نفسية خاصة وطابعاً فيزيائياً خاصاً مستقلاً"(31) .
ويرى سعاده أنه "في طور انحطاط سورية الأخير ، دخلت سورية منذ زمان ، هجرات كبيرة كما خرجت منها هجرات كبيرة . وهذا التحول من تركيب سورية الاثنولوجي ، اوجد اضطرابات في حياة سورية الاجتماعية ، وفي نفسيتها الاجتماعية . وفي هذه الحالة من عدم الاستقرار تفسخت وحدة الشعب السوري النفسية ، خصوصاً بما اختلط مع هذا التداخل الاثنولوجي من تداخل ديني وروحي"(32) .
ويؤكد سعاده أن الأصل الوحيد للأمة هو وحدة الحياة على تعاقب الأجيال ، وهي الوحدة التي تتم دورتها ضمن القطر(33)
ج.عنصر اللغة :
يعتبر سعاده أن اللغة من حيث هي وسيلة للتخاطب والتفاهم البشري في المجتمع ،.. هي من ضرورات الاجتماع الإنساني الداخل فيه العقل والنفس . ولا بد للأمة من لغة واحدة تسهل الحياة الواحدة وتؤمن انتشار روحية واحدة تجمع آدابها وفنونها وعواملها النفسية وأهدافها ومثلها العليا(34) . ويرى أنه لا فرق بين أن تكون اللغة الواحدة مختصة بالأمة الواحدة أو مشتركة بين عدد من الأمم ، لأن الهام للأمة في اللغة هو ما تحمله من صور حياتها وحاجاتها النفسية والمادية وما هو من خصوصياتها لا أشكال ألفاظها القاموسية(35) .
وحدة اللغة بنظـره لا تقرر الأمـة ، ولكنهـا ضرورية لتماسك الأمة .
ويرفض سعاده أن تكون الأمة لغة . ويتساءل : هل الأمة لغة ؟ وهل يمكننا أن نوزع الأمم على اللغات ، فنجعل كل جماعة بشرية تتكلم لغة واحدة أمة واحدة ؟ ويجيب : "لا شك أن النفي هو الجواب الصحيح ، هذين السؤالين ، إذ يمكن أن تتألف الأمة الواحدة من جماعة من البشر لا تتكلم لغة واحدة (سويسرا وبلجيكا) . ومن الجهة الأخرى نرى أن أمماً متعددة تشترك في لغة واحدة ، كالأمم التي تتكلم اللغة الإنكليزية أو العربية أو الإسبانية"(36) . وفي مقال له بعنوان "انتصار القومية السورية يحقق الجبهة العربية القوية" يرد سعاده على الذين يربطون الأمة باللغة والدين فيقول : "الأمة ليست لغة ولا ديناً ما ، بل هي واقع اجتماعي – هي مجتمع إنساني وأرضي . فلو أطلقت فيه مذهباً دينياً لما صار أمة واحدة . فلا اللغة ولا الدين ولا الاثنان معاً ، يجعلان الناس أمة واحدة ، أي مجتمعاً ذا شخصية سياسية . هذه أمم العالم الإسباني ، فإنها تتكلم لغة واحدة ، وتدين بالمذهب الكاثوليكي الواحد ، وجميعها إلى ذلك ، من اصل واحد إسباني ، وهي مع ذلك أمم لا أمة ، لأنها مجتمعات لا مجتمع واحد . وعلى هذا القياس نقيس العالم اللاتيني والعالم الانكلوسكسوني والعالم الجرماني والعالم الصقلي والعالم العربي ، مع العلم ، أن روابط العالم الإسباني اللغوية والدينية والدموية أيضاً ، هي أقوى كثيراً في ذاتها ، من الوجهة التاريخية والوجهة النفسية ، من روابط العالم العربي والعوالم الأخرى باستثناء العالم الانكلوسكسوني"(37) .
ما هي عناصر الأمة ؟
يناقش سعاده مجموعة التعاريف التي تتناول فكرة الأمة لعدد من المفكرين الاجتماعيين: رينان – دور كهايم – ايوانوف – شبنقلر – غفن ايرن – هردر .
ويحلل ما يعتبرونه عناصر الأمة : مثل الأرض والأصل والعنصر السياسي واللغة ، والدين ، والثقافة ، والعادات ، والتقاليد ، والأدب ، وغيرها …
ويعتبر أن أول تحديد وضع لتعيين ماهية الأمة وإيجاد صورة ذهنية منطقية لها هو التحديد الذي أعلنه بسكال منتشيني سنة 1851 ، وهذا نصه : "الأمة هي مجتمع طبيعي من الناس ذو وحدة أرضية (جغرافية) وأصلية ووحدة عادات ، ولغة خاضع للاتحاد في الحياة والوجدان الاجتماعي"(18) .
أ.عنصر الأرض
يعتبر سعاده أن تقسيم الأرض إلى بيئات هو السبب المباشر لتوزع النوع البشري جماعات : فالبيئة كانت ولا تزال تحدد الجماعة ، لأن لكل بيئة جغرافيتها وخصائصها . وتحدد البيئة الجماعة من عدة وجوه : حدود الإقليم ، طبيعة الإقليم وشكل الإقليم(19) .
لكن مع إعطاء سعاده أهمية كبير للبيئة ، فهو يرفض مذهب الحتمية الجغرافية ، ويعتبر "أن الطبيعة والجغرافيا ، مع أنهما تميزان الجماعات تمييزاً واضحاً فإنهما فيما يختص بتاريخ الجماعة ، لا تقدمان الاضطراريات إلا نادراً ، وفي حالات استثنائية ، ولكنهما تقدمان الإمكانيات . إن التاريخ غير مكتوب في طبيعة الأرض"(20) .
ويقول : "إن الحدود الطبيعية ليست من التمام بحيث تفصل فصلاً تاماً بين أي قطر وكل قطر ، ولكن هذه الحدود تقلل الاتصال سواءاً كان سلمياً أم حربياً ، وتصعب التداخل والاختلاط الاجتماعيين مع الخارج بقدر ما تسهل اشتبـاك الجماعات فـي الداخل واتحادها"(21) .
وأعطي سعاده أهمية للبيئة أكثر من الحدود من حيث هي مركز الاجتماع والتكتل لتكون البيئة الاجتماعية ، والبيئة الجغرافية هي التي توجد الإمكانيات لنشوء المراكز العمرانية التي تتألب عليها قوات المجتمع ويحتشد فيها نتاجه الثقافي ، فتتكون البيئة الاجتماعية(22) .
أهمية البيئة الجغرافية إذن هو في كونها حيزاً لإنشاء المراكز العمرانية وفي تسهيلـها لإقامة العمران الواحد المتشابك والمترابط ضمنها .
ويرى سعاده أن "كل متحد له مراكز تجمع مشتركة تضاعف عوامل الحياة وظواهرها ، وتقل كثافة السكان كلما ابتعدت عنها ، فهي الكتل المغناطيسية التي تجذب ما حوله إليها"(23) .
ويعتبر أن هذا القول يصدق على سورية كما يدق على فرنسا وعلى أي بلاد أخرى . ولهذا السبب يقول سعاده "إن ترابط القرى والمدن والأوردة الزراعية في سورية الطبيعية كلها ، لا يسمح مطلقاً بالتفكير بتجزئة الأمة السورية إلى أمم ، والشعب السوري إلى شعوب"(24) . ويقول "لو كانت القاهرة واقعة بين القدس وقناة السويس ، وقرى مصر ومزارعها واقعة في شبه جزيرة سيناء وما حولها بحيث يكون هنالك عمران واحد في بيئة واحدة ، هي بيئة القطر السوري ، أكان في الإمكان حينئذٍ التكلم عن القطرين سورية ومصر"(25) .
انطلاقاً من هذا الفهم للبيئة الجغرافية ، والبيئة الاجتماعية القائمة ضمنها ، يؤكد سعاده على ترابط الأمة والوطن "فالأمة ليس لها كيان إلا في وطنها ، بل كثيراً ما يكون المحيط أو الوطن العامل الأساسي في إكساب الأمة صفة معلومة تميزها عن غيرها"(26) .
ب. عنصر الأصل
يعتبر سعاده أن الحقائق العلمية تؤكد أن الادعاء بنقاوة الأصل شرطاً للارتقاء العقلي هي نظرية فاسدة ، والحقيقة أنه ليس لأمة من الأمم أصل سلالي واحد . وكل أمة مؤلفة من مجموعات عنصرية متنوعة أي أنها مزيج من سلالات بشرية مختلفة(27) .
وفي شرحه للمبدأ الأساسي الرابع يقول : "إن مبدأ القومية السورية ليس مؤسساً على مبدأ الوحدة والسلالة ، بل على مبدأ الوحدة الاجتماعية الطبيعية لمزيج سلالي متجانس"(28) .
وفي خطاب ألقاه في النادي الفلسطيني في بيروت 1933 يقول : "إن الأمة التي تنشأ على الاخوة القومية الحقيقية ، المتولدة من الاشتراك الفعلي في الحياة الواحدة في الوطن الواحد ، أمة تستغني ، بالانتساب إلى حقيقتها ، عن الانتساب إلى أوهامها ، فالأوهام تزول ولا يبقى إلا الحقيقة . إننا أمة ليس لأننا نتحدر من أصل وحد ، بل لأننا نشترك في حياة واحدة"(29).
ويعتبر سعاده أن المزيج السوري هو عدة أصول ،.. وجودها وامتزاجها حقيقة علمية تاريخية لا جدال فيها . وهذه الأصول هي : الكنعانية – الكلدانية – الآشورية – الآمورية – الآرامية – الحثية ، والتي لم يزدها دخول العنصر العربي إلا وحدة وبروزاً(30) .
ويرى سعاده أن "الحياة جبلت هذه الأصول جبلة واحدة ، فاشتركت هذه الأصول في الحياة الجيدة والصعبة وعملت وأجابت على محرضات البيئة أعمالاً وإجابات مستمرة خلال أجيال وأدهار كونت نفسية خاصة وطابعاً فيزيائياً خاصاً مستقلاً"(31) .
ويرى سعاده أنه "في طور انحطاط سورية الأخير ، دخلت سورية منذ زمان ، هجرات كبيرة كما خرجت منها هجرات كبيرة . وهذا التحول من تركيب سورية الاثنولوجي ، اوجد اضطرابات في حياة سورية الاجتماعية ، وفي نفسيتها الاجتماعية . وفي هذه الحالة من عدم الاستقرار تفسخت وحدة الشعب السوري النفسية ، خصوصاً بما اختلط مع هذا التداخل الاثنولوجي من تداخل ديني وروحي"(32) .
ويؤكد سعاده أن الأصل الوحيد للأمة هو وحدة الحياة على تعاقب الأجيال ، وهي الوحدة التي تتم دورتها ضمن القطر(33)
ج.عنصر اللغة :
يعتبر سعاده أن اللغة من حيث هي وسيلة للتخاطب والتفاهم البشري في المجتمع ،.. هي من ضرورات الاجتماع الإنساني الداخل فيه العقل والنفس . ولا بد للأمة من لغة واحدة تسهل الحياة الواحدة وتؤمن انتشار روحية واحدة تجمع آدابها وفنونها وعواملها النفسية وأهدافها ومثلها العليا(34) . ويرى أنه لا فرق بين أن تكون اللغة الواحدة مختصة بالأمة الواحدة أو مشتركة بين عدد من الأمم ، لأن الهام للأمة في اللغة هو ما تحمله من صور حياتها وحاجاتها النفسية والمادية وما هو من خصوصياتها لا أشكال ألفاظها القاموسية(35) .
وحدة اللغة بنظـره لا تقرر الأمـة ، ولكنهـا ضرورية لتماسك الأمة .
ويرفض سعاده أن تكون الأمة لغة . ويتساءل : هل الأمة لغة ؟ وهل يمكننا أن نوزع الأمم على اللغات ، فنجعل كل جماعة بشرية تتكلم لغة واحدة أمة واحدة ؟ ويجيب : "لا شك أن النفي هو الجواب الصحيح ، هذين السؤالين ، إذ يمكن أن تتألف الأمة الواحدة من جماعة من البشر لا تتكلم لغة واحدة (سويسرا وبلجيكا) . ومن الجهة الأخرى نرى أن أمماً متعددة تشترك في لغة واحدة ، كالأمم التي تتكلم اللغة الإنكليزية أو العربية أو الإسبانية"(36) . وفي مقال له بعنوان "انتصار القومية السورية يحقق الجبهة العربية القوية" يرد سعاده على الذين يربطون الأمة باللغة والدين فيقول : "الأمة ليست لغة ولا ديناً ما ، بل هي واقع اجتماعي – هي مجتمع إنساني وأرضي . فلو أطلقت فيه مذهباً دينياً لما صار أمة واحدة . فلا اللغة ولا الدين ولا الاثنان معاً ، يجعلان الناس أمة واحدة ، أي مجتمعاً ذا شخصية سياسية . هذه أمم العالم الإسباني ، فإنها تتكلم لغة واحدة ، وتدين بالمذهب الكاثوليكي الواحد ، وجميعها إلى ذلك ، من اصل واحد إسباني ، وهي مع ذلك أمم لا أمة ، لأنها مجتمعات لا مجتمع واحد . وعلى هذا القياس نقيس العالم اللاتيني والعالم الانكلوسكسوني والعالم الجرماني والعالم الصقلي والعالم العربي ، مع العلم ، أن روابط العالم الإسباني اللغوية والدينية والدموية أيضاً ، هي أقوى كثيراً في ذاتها ، من الوجهة التاريخية والوجهة النفسية ، من روابط العالم العربي والعوالم الأخرى باستثناء العالم الانكلوسكسوني"(37) .