صباح الخير،
إضاءة اليوم:
...لا أدري إذا كنتِ تفهمينني أو تنتبهين جيدًا إلى فهمي من هٰذه النّاحية. إنّ كلّ كتاب يردني منكِ يحمل إليّ أمواجًا من الشّعور بجمال الحياة. ولكن بعد أن أقرأ كتبكِ الإنغليزيّة وأفرح بما تحمل إليّ منكِ يداخلني شيء من الحزن والانكسار. وقد فكّرت عند يقظتي هٰذا الصّباح في هٰذا الأمر وحلّلته هكذا:
1. إنّ شعوري القوميّ هو جزء هامّ من حياتي الرّوحيّة.
2. إنّ اللّغة القوميّة عنصر من عناصر هٰذا الشّعور.
3. إنّ الاعتزاز القوميّ والإباء القوميّ هما عنصران جوهريّان في الحياة القوميّة.
4. إنّ استعمال لغة أجنبيّة بيننا نحن الاثنين ونحن قوميّان يجرح شعور العزّة القوميّة ويجعل عواطف حبّنا مرتكزة على تعابير أجنبيّة تجعل لغتنا القوميّة خارجة عن هٰذا الأساس الرّوحيّ وتقلّل ارتباطنا بها وهٰذا يحدث فراغًا روحيًّا في حياتنا وعواطفنا القوميّة الّتي يجب أن تتجلّى في كلّ مظهر روحيّ من مظاهر حياتنا.
5. إنّ استعمال اللّغة الإنغليزيّة واللّغة الفرنسيّة يجرح الإباء القوميّ بصورة مؤلمة، لأنّهما لغتا الأمّتين اللّتين عملتا في العشرين سنة الأخيرة على امتصاص موارد حياتنا وإذلالنا وإنزالنا منزلة العبيد. واللّغة الإنغليزيّة تذكّرني بالشّهداء القوميين الّذين سقطوا في فلسطين بقنابل الإنغليز الّذين باعوا دماءهم لليهود.
حبيبتي! إنّ بعدكِ في الماضي عن مجرى الأحوال في الوطن جعلك تغفلين عن هٰذه التّفاصيل. ولكنّي أثق أنكِ سترين هٰذه الأسباب الجوهريّة، خصوصًا وأنتِ تعلمين ما للتّفاصيل الصّغيرة والجزئيّات البسيطة من الأهميّة.
لا تتهاوني، يا حبيبتي، في هٰذا الأمر مهما بدت لك الأسباب المخالفة جوهريّة. وثقي أنّه لا يوجد سبب واحد جوهريّ يبرّر تهاوننا في شعورنا القوميّ وإبائنا القوميّ. أكتبي دائمًا كتابة سوريّة أينما كنتِ. أكتبيها صحيحة واكتبيها مغلوطة واكتبيها "مكسّرة" فهي تكون دائمًا شعورًا صحيحًا أبيًّا فخورًا وهٰذا هو الجوهر...
...حبيبتي! إنّ عبارتك السّوريّة هي جميلة وهي تصل إلى قلبي بأسرع مما تصل عبارتك الإنغليزيّة...
...إنّ حياتنا وحبّنا يجب ألا يكون أساسهما الأهون بل الأعمق والأصحّ. وليكن أكيدًا لك أنّ خمسة أسطر سوريّة على ورقة هي أفضل عندي من خمس صفحات ملزوزة الأسطر بعبارات أجنبيّة تجعلني أشعر كأنّي خارج ثيابي...
...أنّي أحبّك كما أنتِ وكما تكونين بطبيعتك فحافظي عليها بكلّ قوّتك ولا تدعي صعوبة تغلب إرادتك في أن تكوني كما أنتِ وكما تريدين دائمًا. وبكلّ حبّي وشعوري أضمّك إليّ وأقبّلك.
*_سعاده_*
في 20 نوفمبر 1940
إضاءة اليوم:
...لا أدري إذا كنتِ تفهمينني أو تنتبهين جيدًا إلى فهمي من هٰذه النّاحية. إنّ كلّ كتاب يردني منكِ يحمل إليّ أمواجًا من الشّعور بجمال الحياة. ولكن بعد أن أقرأ كتبكِ الإنغليزيّة وأفرح بما تحمل إليّ منكِ يداخلني شيء من الحزن والانكسار. وقد فكّرت عند يقظتي هٰذا الصّباح في هٰذا الأمر وحلّلته هكذا:
1. إنّ شعوري القوميّ هو جزء هامّ من حياتي الرّوحيّة.
2. إنّ اللّغة القوميّة عنصر من عناصر هٰذا الشّعور.
3. إنّ الاعتزاز القوميّ والإباء القوميّ هما عنصران جوهريّان في الحياة القوميّة.
4. إنّ استعمال لغة أجنبيّة بيننا نحن الاثنين ونحن قوميّان يجرح شعور العزّة القوميّة ويجعل عواطف حبّنا مرتكزة على تعابير أجنبيّة تجعل لغتنا القوميّة خارجة عن هٰذا الأساس الرّوحيّ وتقلّل ارتباطنا بها وهٰذا يحدث فراغًا روحيًّا في حياتنا وعواطفنا القوميّة الّتي يجب أن تتجلّى في كلّ مظهر روحيّ من مظاهر حياتنا.
5. إنّ استعمال اللّغة الإنغليزيّة واللّغة الفرنسيّة يجرح الإباء القوميّ بصورة مؤلمة، لأنّهما لغتا الأمّتين اللّتين عملتا في العشرين سنة الأخيرة على امتصاص موارد حياتنا وإذلالنا وإنزالنا منزلة العبيد. واللّغة الإنغليزيّة تذكّرني بالشّهداء القوميين الّذين سقطوا في فلسطين بقنابل الإنغليز الّذين باعوا دماءهم لليهود.
حبيبتي! إنّ بعدكِ في الماضي عن مجرى الأحوال في الوطن جعلك تغفلين عن هٰذه التّفاصيل. ولكنّي أثق أنكِ سترين هٰذه الأسباب الجوهريّة، خصوصًا وأنتِ تعلمين ما للتّفاصيل الصّغيرة والجزئيّات البسيطة من الأهميّة.
لا تتهاوني، يا حبيبتي، في هٰذا الأمر مهما بدت لك الأسباب المخالفة جوهريّة. وثقي أنّه لا يوجد سبب واحد جوهريّ يبرّر تهاوننا في شعورنا القوميّ وإبائنا القوميّ. أكتبي دائمًا كتابة سوريّة أينما كنتِ. أكتبيها صحيحة واكتبيها مغلوطة واكتبيها "مكسّرة" فهي تكون دائمًا شعورًا صحيحًا أبيًّا فخورًا وهٰذا هو الجوهر...
...حبيبتي! إنّ عبارتك السّوريّة هي جميلة وهي تصل إلى قلبي بأسرع مما تصل عبارتك الإنغليزيّة...
...إنّ حياتنا وحبّنا يجب ألا يكون أساسهما الأهون بل الأعمق والأصحّ. وليكن أكيدًا لك أنّ خمسة أسطر سوريّة على ورقة هي أفضل عندي من خمس صفحات ملزوزة الأسطر بعبارات أجنبيّة تجعلني أشعر كأنّي خارج ثيابي...
...أنّي أحبّك كما أنتِ وكما تكونين بطبيعتك فحافظي عليها بكلّ قوّتك ولا تدعي صعوبة تغلب إرادتك في أن تكوني كما أنتِ وكما تريدين دائمًا. وبكلّ حبّي وشعوري أضمّك إليّ وأقبّلك.
*_سعاده_*
في 20 نوفمبر 1940